×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

لنبذِ العهودِ ليس من خصائصِه؛ لأنَّ العادةَ لمَّا جرَت أنه لا يَنبذُ العهودَ ولا يعقدُها إلاَّ رجلٌ من أهلِ بيته، فأيُّ شخصٍ من عترتِه نبذَها حصَل المقصود، ولكنَّه أفضلُ بني هاشم بعدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فكان أحقَّ الناسِ بالتقدمِ من سائرِهم، فلمَّا أمَّر أبا بكر بعد قوله: أمَا ترضى..، إلخ؛ علِمْنا أنه لا دلالةَ فيه على أنه بمنزلةِ أولئك الرُّسل، وتشبيه الشيء بالشيءِ لمشابهتِه في بعضِ الوجوهِ كثير في الكتابِ والسُّنةِ وكلامِ العرب.

وأما قوله: «مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ» ([1]) إلخ، فهذا ليس في شيءٍ من الأمهاتِ إلاَّ في الترمذي وليس فيه إلا: «مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ» ([2])، وأمَّا الزيادةُ فليستْ في الحديث، وسُئِلَ عنها الإمامُ أحمدُ فقال: زيادةٌ كُوفية، ولا ريبَ أنَّها كذِبٌ لوجوه: أحدها أنَّ الحقَ لا يدورُ مع مُعيَّن إلاَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم لأنه لو كان كذلك لوجَبَ اتباعُه في كلِّ ما قال، ومعلومٌ أنَّ عليًا ينازعُه الصَّحابَة وأتباعُه في مسائلَ وجد فيها النص يُوافقُ مَن نازعهم كالمُتوَفَّى عنها زوجُها وهي حامل.

وقوله: «اللَّهُمَّ انْصُرْ مَنْ نَصَرَه...» إلخ؛ خلافُ الواقع؛ قاتلَ معه أقوامٌ يومَ صِفِّين فما انتصروا، وأقوامٌ لم يُقاتلوا فما خُذِلوا؛ كسعد الذي فتحَ العراقَ لم يقاتلْ معه، وكذلك أصحابُ معاويةَ وبني أمية الذين قاتلوه فتحوا كثيرًا من بلادِ الكفار ونصَرَهم الله.

وكذلك قوله: «اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ» ([3])؛ مخالفٌ


الشرح

([1])أخرجه: الترمذي (3713)، وابن ماجه رقم (121)، وأحمد رقم (641).

([2])أخرجه: الترمذي رقم (3713)، وابن ماجه رقم (121)، وأحمد رقم (641).

([3])أخرجه: ابن ماجه رقم (116)، وأحمد رقم (650)، وأبويعلى رقم (567).