×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

سُئلَ شيخُ الإسلامِ ابن تيمية رحمه الله عن قولِ الشيخِ أبي محمدٍ عبدِ اللهِ ابنِ أبي زيد في آخِرِ عقيدته: وأنَّ خيرَ القرونِ الذين رأوا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وآمنوا به ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلُونهم، وأفضلُ الصَّحابَة الخلفاءُ الراشدون المَهْديون: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، فما الدليلُ على تفضيلِ أبي بكرٍ على عمر؟ وتفضيلِ عمرَ على عثمان؟ وعثمان على علي؟ فإذا تبيَّن ذلك فهل تَجِبُ عقوبةُ مَن يفضُلُ المفضولَ على الفاضل، أو لا؟

فأجاب رحمه الله: الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، أما تفضيلُ أبي بكرٍ ثم عمر على عثمانَ وعليٍّ فهذا متَّفَقٌ عليه بين أئمةِ المسلمين المشهورين بالأمانةِ في العلمِ والدِّينِ من الصَّحابَة والتابعين وتابعيهم، وهو مذهبُ مالكٍ وأهلِ المدينةِ والليثِ بنِ سعدٍ وأهلِ مصرَ والأوزاعي وأهلِ الشام، وسفيانَ الثوري وأبي حنيفةَ وحمَّادِ بنِ زيدٍ وحمَّاد بنِ سلمةَ وأمثالهم من أهلِ العراق، وهو مذهبُ الشَّافعي وأحمدَ وإسحاقَ وأبي عبيد وغيرِ هؤلاء من أئمةِ الإسلامِ الذين لهم لسانُ صِدقٍ في الأمة، وحكَى مالكٌ إجماعَ أهلِ المدينةِ على ذلك، فقال: ما أدركتُ أحدًا ممَّن أقتدِي به يشك في تقديمِ أبي بكر وعمر.

وهذا مستفيضٌ عن أميرِ المؤمنين عليٍّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه وفي صحيحِ البخاري ([1]) عن محمدٍ بنِ الحنفية أنه قال لأبيه علي بنِ أبي طالب: يا أبتِ من خيرِ الناسِ بعدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: يا بُنَي، أو ما تعرف؟! قلت: لا، قال: أبو بكر، قلت: ثُم مَن؟ قال: عمر، ويُروَى هذا عن عليٍّ بن أبي طالب من نحوِ ثمانين وجهًا، وأنه كان


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (3671).