يقولُه على منبرِ الكوفة، بل قال: لا أُوتى بأحدٍ يفضُلُني على
أبي بكرٍ وعمرَ إلاَّ جلدْتُه حدَّ المفتري ([1]) فمن فضله على أبي بكر وعمر جلد بمقتضَى قولِه رضي الله
عنه ثمانينَ سَوطًا، وكان سفيانُ يقول: من فضَّل عليًا على أبي بكر فقد أزْرى
بالمهاجرين وما أرَى يصعد له إلى اللهِ عمل وهو مقيمٌ على ذلك، وفي الترمذي وغيرِه
رُوي هذا التفضيلُ عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم وأنه قال: «يَا عَلِيٍّ، هَذَانِ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الأَْوَّلِينَ
وَالآْخِرِينَ، إلاَّ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ» ([2]).
وقد استفاضَ في الصَّحيِحين وغيرِهما عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم عن غيرِ وجهٍ من حديثِ أبي سعيدٍ وابنِ عباسٍ وجُنْدب بنِ عبدِالله وابن الزبير وغيرهم أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا من أهل الأرض خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً، وَلَكِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللهِ» ([3]) يعني نفسه وفي الصَّحيِح أنه قال على المنبر: «إِنَّ أَمْنَّ النَّاسِ عَلِيٌّ فِي صُحْبَتِهِ وذَاتُ يَدِهِ أَبُو بَكْر، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً مِنْ أُمَّتِي لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً وَلَكِنَّ صَاحِبَكُمْ خَليِلُ الله، ألاَّ لاَ يَبْقَيَنَّ في الْمَسْجِدِ خَوْخَة إلاَّ سُدَّتْ إلاَّ خَوْخَةُ أَبِي بَكْرٍ» ([4]) هو من حديثِ أبي سعيدٍ السابق، وهذا صريحٌ في أنَّه لم يكُن عندَه من أهلِ الأرضِ من يستَحِقُّ المخَالة لو كانت مُمْكِنةً من المخلوقين إلاَّ أبا بكر، فعُلم أنه لم يكن عندَه أفضلُ منه، ولا أحَبُّ إليه منه، وكذلك في الصَّحيِح أنه قال له عمرو بن العاص: «أي الناس أحب إليك؟ قال: «عَائِشَة»، قال: فمِنَ الرِّجَال؟ قال:
([1])أخرجه: أحمد في «فضائل الصحابة» رقم (387)، والبيهقي في «الاعتقاد» ص: (358).