×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

 أمرَ إيجابٍ أو اسْتحباب؛ فلا يجوزُ اعتقادٌ ضدَّ ذلك، ولكن يجوزُ تركُ المُسْتَحبِّ من غيرِ أنْ يجوزَ اعتقاد ترك استحبابِه، ومعرفة استحبابِه فرضٌ على الكفايةِ لئلاَّ يضيع شيء من الِّدين، فلمَّا قامتِ الأدلةُ الشرعيةُ على وجوبِ اتباعِ أبي بكرٍ وعمرَ وتقديمِهما لم يجُزْ تركُ ذلك، وأما عثمانُ فمَن أبغضَه أو سَبَّه أو كفَّره أيضًا مع الرافضةِ وهم طائفةٌ من الشِّيعةِ الزَّيْديةِ والخوارج، وأمَّا عليٌّ فأبغضَه وسبَّه أو كفَّرَه الخوارج، فالخوارجُ تكفِّرُ عثمانَ وعليًا وسائرَ أهلِ الجماعة، وأمَّا شيعةُ عليٍّ الذين شايعُوه بعدَ التحكيمِ وشيعةُ معاويةَ التي شايَعتْه بعدَ التحكيمِ فكان بينَهما من التقاتُلِ وتلاعَنَ بعضُهم وتكافَر بعضُهم ما كان، و لم تكُن الشيعةُ التي كانت مع عليٍّ على ما يَظهَر منها تنقص لأبي بكر وعمر، ولا فيها من تقدُّمِ عليًا على أبى بكر وعمر، ولا كان سبُّ عثمانَ شائعًا فيها، وإنما كان يتكلَّم بعضُهم به فيرد عليه آخر، وكذلك تفضيلُ عليٍّ عليه لم يكُن مشهورًا فيها، انتَهى المقصودُ من كلامِ الشيخِ رحمه الله في هذه المسألةِ وهي مسألةُ المُفاضلةِ بينَ عثمانَ وعليٍّ رضي الله عنهما.

وقد ذكر الشيخُ في - العقيدةِ الواسطية - أنَّ هذه المسألةَ ليستْ من المسائلِ التي يُضلِلُ المخالِفُ فيها، فمن فضَّلَ عليًا على عثمانَ أو فضَّل عثمانَ على عليٍّ لم يُضلِل نظرًا لشهرةِ الخِلاف فيها، وإنما التي يُضلِل المخالفُ فيها هي مسألةُ الخلافة، فمن زعمَ أن عليًا أولى بالخلافةِ من عثمانَ فهو ضَال؛ لمخالفتِه إجماعَ الصَّحابَة على تقديمِ عثمانَ على عليٍّ رضي الله عنهما في الخلافة، فالخلفاءُ الراشدون على هذا الترتيب: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، قال الشيخ: ومن طعَنَ في خلافةِ واحدٍ من هؤلاء فهو أضلُّ من حمارِ أهلِه، ومعاويةُ رضي الله عنه لم يقاتل عليًا لأنه يطعَنُ


الشرح