×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

الكذابين زعم أنه عير أباه بإسلامه، وهذا كذبٌ بالاتفاق من أَهْل العِلمِ بالحديث، وكان هؤلاء المذكورون من أحسن النَّاس إسلامًا وأحمدهم سيرة، ولم يتهموا بسوء ولم يتهمهم أحد من أَهْل العِلمِ بنفاق كما اتهم غيرهم، بل ظهر منهم من حسن إسلامهم وطاعة الله ورسوله، وحب الله ورسوله، والجهاد في سبيل الله، وحفظ حدود الله، ما دل على حسن إِيمَانهم في الباطن وحسن إسلامهم.

منهم من أمَّرَهُ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم واستعمله نائبًا له، كما استعمل عتاب بن أسيد أميرًا على مكة! الذي قال والله لا يبلغني أن أحدًا منكم قد تخلف عن الصَّلاة إلاَّ ضريت عنقه، وقد استعمل النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أبا سُفيَان بن حرب أبا مُعَاوِية على نجران نائبًا له، وتوفي النَّبيّ صلى الله عليه وسلم وأبو سُفيَان عامله على نجران، وكان مُعَاوِية أحسن إسلامًا من أبيه باتفاق أَهْل العِلمِ.

كما أن أخاه يزيد بن أبى سُفيَان كان أفضل منه ومن أبيه، ولهذا استعمله أَبُو بَكْر الصديق رضي الله عنه على قتال النصارى حين فتح الشام، وكان هو أحد الأمراء الذين استعملهم أَبُو بَكْر الصديق ووصاة بوصية معروفة نقلها أَهْل العِلمِ واعتمدوا عليها، وذكرها مالك في «الموطأ» وغيره.

«ومشي أَبُو بَكْر رضي الله عنه في ركابه مشيِّعًا له، فقال له: يا خليفة رسُول اللهِ! إما أن تركب وإما أن أنزل! فقال: لست بنازل ولست براكب، احتسب خطاي هذه في سبيل الله عز وجل ([1]).

وكان عمرو بن العاص أحد الأمراء، وأبو عبيدة بن الجراح أيضًا، وقدم عليهم خالد بن الوليد لشجاعته ومنفعته في الجهاد، فلما توفي أَبُو


الشرح

([1])أخرجه: مالك رقم (10)، والطبراني في «الكبير» رقم (607).