قال رحمه الله في معرض كلامه عن
السابقين الأولين ومن جاء بعدهم من الصَّحابَة -رضي الله عنهم أجمعين - قال: فإن
السابقين الأولين هم الذين أسلموا قبل الحُديبِية كالذين أنزل الله فيهم: {لَّقَدۡ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ يُبَايِعُونَكَ تَحۡتَ ٱلشَّجَرَةِ﴾[الفتح: 18]، كانوا أكثر من ألف وأربعمائة وكلهم من أهل الجنَّة
([1]).
كما ثبت في «الصَّحيِح» عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه
قال: «لاَ يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ
بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ» ([2])، وكان فيهم حاطب بن أبي بلتعة وكانت له سيئات معروفة،
مثل ما كتبه للمشركين بأخبار النَّبيّ صلى الله عليه وسلم وإساءته إلى مماليكه،
وقد ثبت في «الصَّحيِح» أن مملوكه جاء إلى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال:
والله يا رسُول اللهِ لا بد أن يدخل حاطب النَّار، فقال له النَّبيّ صلى الله عليه
وسلم: «كَذَبْتَ، إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا
وَالْحُدَيْبِيَةَ» ([3]).
وثبت في «الصَّحيِح»: أنه لما كتب إلى المشركين يخبرهم بمسير النَّبيّ صلى الله عليه وسلم إليهم أرسل علي بن أبي طالب والزبير إلى المرأة التي كان معها الكتاب فأتيا به فقال: «مَا هَذَا يَا حَاطِبُ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا فعلت ذلك ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي، ولا رضيت بالكفر بعد الإسلام، ولكن كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا بِقُرَيْشٍ، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ من أصحابك لهم بمكة قرابات يحمون بها أهليهم، فأحببت إذ فاتني ذلك أن أتخذ فيهم يدًا يحمون بها قرابتي»، فقال عمر بن الخطاب: دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا
([1])أخرجه: البخاري رقم (4153)، ومسلم رقم (1856).