يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ
ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗا وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّٰدِقُونَ
٨ وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُو ٱلدَّارَ وَٱلۡإِيمَٰنَ
مِن قَبۡلِهِمۡ يُحِبُّونَ مَنۡ هَاجَرَ إِلَيۡهِمۡ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمۡ
حَاجَةٗ مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ
خَصَاصَةٞۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ٩ وَٱلَّذِينَ جَآءُو مِنۢ بَعۡدِهِمۡ
يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ
وَلَا تَجۡعَلۡ فِي قُلُوبِنَا غِلّٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ
رَءُوفٞ رَّحِيمٌ ١٠﴾[الحشر: 8- 10]، فهذه الآية والتي قبلها تتناول من دخل
فيها بعد السابقين الأولين إلى يوم القيامة؛ فكيف لا يدخل فيها أصحاب رسُول اللهِ
صلى الله عليه وسلم الذين آمنوا به وجاهدوا معه؟
وقد قال رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم في الحديث الصَّحيِح: «المُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ
عَنْهُ» ([1]) فمن كان قد أسلم من الطلقاء وهجر ما نهى الله عنه كان له
معنى هذه الهجرة؛ فدخل في قوله تعالى: {وَكُلّٗا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ﴾[النساء: 95]، وقد قال تعالى: {مُّحَمَّدٞ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِينَ
مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡۖ تَرَىٰهُمۡ رُكَّعٗا
سُجَّدٗا يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗاۖ سِيمَاهُمۡ فِي
وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِۚ
وَمَثَلُهُمۡ فِي ٱلۡإِنجِيلِ كَزَرۡعٍ أَخۡرَجَ شَطَۡٔهُۥ فََٔازَرَهُۥ فَٱسۡتَغۡلَظَ
فَٱسۡتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ يُعۡجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلۡكُفَّارَۗ
وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِنۡهُم مَّغۡفِرَةٗ
وَأَجۡرًا عَظِيمَۢا﴾[الفتح: 29] فهذا يتناول الذين آمنوا مع رسُول اللهِ صلى
الله عليه وسلم مطلقًا.
إلى أن قال رحمه الله: والصحبة اسم جنس تقع على من صحب النَّبيّ
صلى الله عليه وسلم قليلاً كان أو كثيرًا، لكن كل منهم له من الصحبة بقدر ذلك؛ فمن
صحبه سنة أو شهرًا أو يومًا أو ساعة أو رآه مؤمنًا؛ فله من الصحبة بقدر ذلك.
***
([1])أخرجه: البخاري رقم (10).
الصفحة 5 / 458