وكيف يكون رجل متوليًا على المُسلمُون أربعين سنة نائبًا
ومستقلاً، يصلي بهم الصوات الخمس، ويخطب ويعظهم ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن
المنكر، ويقيم فيهم الحدود ويقسم بينهم فيئهم ومغانمهم وصدقاتهم ويحج بهم؛ ومع هذا
يخفى نفاقه عليهم كلهم؟ وفيهم من أعيان الصَّحابَة جماعة كثيرة؛ بل أبلغ من هذا
أنه ولله الحمد لم يكن من الصَّحابَة جماعة كثيرة، بل أبلغ من هذا أنه ولله الحمد
لم يكن من الخلفاء الذين لهم ولاية عامة من خلفاء بني أمية وبني العباس أحد يتهم
بالزندقة والنفاق، وإن كان قد ينسب الرجل منهم إلى نوع من البدعة أو نوع من الظلم،
لكن لم ينسب أحدًا منهم من أَهْل العِلمِ إلى زندقة ونفاق.
واتفق العلماء على أن مُعَاوِية أفضل ملوك هذه الأمة؛ فإن
الأربعة قبله كانوا خلفاء نبوة، فإنه قد ثبت عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه
قال: «تَكُونُ خِلاَفَةُ النُّبُوَّةِ
ثَلاَثِينَ سَنَةً ثُمَّ تَصِيرُ مُلْكًا» ([1]).
وكان أَبُو بَكْر وعمر وعُثمَان وعلي رضي الله عنهم هم
الخُلفَاء الرَّاشدِين والأئمة المهديين، الذين قال فيهم النَّبيّ صلى الله عليه
وسلم: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ
الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي، تَمَسَّكُوا بِهَا،
وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ،
فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ» ([2]).
***
([1])أخرجه: أبو داود رقم (4646)، والترمذي رقم (2226)، والنسائي رقم (8155).
الصفحة 5 / 458
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد