وأما الثاني فباطل على
الإطلاق، وأما الأول فقد يعلم بطلانه وقد يتوقف فيه، ومن قال عن مُعَاوِية وأمثاله
ممن ظهر إسلامه وحجه وصيامه: أنه لم يسلم، وإنه كان مقيمًا على الكفر فهو بمنزلة
من يقول ذلك في غيره، كما لو ادعى مدع ذلك في العباس وجعفر وعقيل وفي أَبي بَكر
وعمر وعُثمَان.
وكما لو ادعى أن الحسن والحسين ليسا ولدي علي بن أبي طالب وإنما
هما أولاد سلمان الفارسي، ولو ادعى أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يتزوج ابنتي
أَبي بَكر وعمر ولم يزوج بنتيه عُثمَان.
بل إنكار إسلام مُعَاوِية أقبح من إنكار هذه الأمور فإن منها ما
لا يعرفه إلاَّ العلماء، وأما إسلام مُعَاوِية وولايته على المسلمين والإمارة
والخلافة فأمر يعرفه جماهير الخلق.
ولو أنكر منكر إسلام مُعَاوِية وادعى بقاءه على الكفر لم يحتج
عليه إلاَّ بمثل ما يحتج به على من أنكر إسلام علي وادعى بقاءه على الكفر، لم يحتج
عليه إلاَّ بمثل ما يحتج به على من أنكر إسلام أَبي بَكر وعمر وعُثمَان ومُعَاوِية
وغيرهم، وإن كان بعضهم أفضل من بعض فتفاضلهم لا يمنع اشتراكهم في ظهور إسلامهم.
وأما قول القائل: إِيمَان مُعَاوِية كان نفاقًا؛ فهو أيضًا من
الكذب المختلق فإنه ليس في علماء المسلمين من اتهم مُعَاوِية بالنفاق، بل العلماء
متفقون على حسن إسلامه، وقد توقف بعضهم في حسن إسلام أبي سُفيَان - أبيه -، وأما
مُعَاوِية وأخوه يزيد فلم يتنازعوا في حسن إسلامهما، كما لم يتنازعوا في حسن إسلام
عكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو وصفوان بن أميه وأمثالهم من مسلمة الفتح.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد