ولهذا كان المقتصدون من أئمة السلف يقولون في يزيد وأمثاله: إنا
لا نسبهم ولا نحبهم؛ أي: لا نحب ما صدر منهم من ظلم.
والشخص الواحد يجتمع فيه حسنات وسيئات وطاعات ومعاص وبر وفجور
وخير وشر؛ فيثيبه الله على حسناته ويعاقبه على سيئاته إن شاء، أو يغفر له ويحب ما
فعله من الخير ويبغض ما فعله من الشر؛ فأما من كانت سيئاته صغائر فقد وافقت
المُعتَزلَة على أن الله يغفرها، وأما صاحب الكبيرة فسلف الأمة وأئمتها وسائر
أَهْل السُّنةِ والجمَاعة لا يشهدون له بالنَّار، بل يجوزون أن يغفر الله له كما
قال تعالى: {إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ
لِمَن يَشَآءُۚ﴾[النساء: 48] فهذه في حق من لم يشرك فإنه قيدها بالمشيئة..
وأما قوله تعالى: {قُلۡ يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ
أَسۡرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ لَا تَقۡنَطُواْ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ
يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ﴾[الزمر: 53]، فهذا في حق من تاب ولذلك
أطلق وعم.
والخَوارِج والمُعتَزلَة يقولون: إن صاحب الكبيرة يخلد في النَّار، ثم أنهم قد يتوهمون في بعض الأخيار أنه من أهل الكبائر، كما تتوهم الخَوارِج في عُثمَان وعلي وأتباعهما أنهم مخلدون في النَّار، كما يتوهم بعض ذلك في مثل مُعَاوِية وعمرو بن العاص وأمثالهما، ويبنون مذاهبهم على مقدمتين باطلتين: إحداهما: أن فلانًا من أهل الكبائر، والثانية: أن كل صاحب كبير ة يخلد في النَّار، وكلا القولين باطل.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد