ولقد حدثنا رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم حديثا ثم قال: «أَيُّكُمْ يَبْسُطُ ثَوْبَهُ؟» فبسطت
ثوبي، فدعا لي فلم أنس شيئًا بعد سمعته من رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم ([1])، وروي عنه أنه كان يجزئ الليل ثلاثة أجزاء: ثلثًا يصلي،
وثلثًا يكرر علي الحديث، وثلثًا ينام، فقد بين أن سبب حفظه ملازمة النَّبيّ صلى الله
عليه وسلم وقطع العلائق ودعاؤه له.
وكان عمر بن الخطاب يستدعي الحديث من أبي هُريْرَة ويسأله عنه،
ولم ينهه عن رواية ما يحتاج إليه من العلم الذي سمعه من النَّبيّ صلى الله عليه
وسلم ولا توعده على ذلك، ولكن كان عمر يحب التثبت في الرواية حتى لا يجترئ النَّاس
فيزاد في الحديث، ولهذا طلب من أبي موسى الأشعري من يوافقه على حديث الاستئذان ([2]) مع أن أبا موسى من أكابر الصَّحابَة وثقاتهم باتفاق الأئمة.
الوجه السادس: أن الصَّحابَة كانوا يرجعون في مسائل الفقه إلى من هو دون أبي هُريْرَة في الفقه، كما رجع عمر بن الخطاب إلى حمل بن مالك وغيره في دية الجنين، وكما رجع عُثمَان بن عفان إلى الفريعة بنت مالك في لزوم المتوفى عنها لمنزل الوفاة، وكما رجع عمر بن الخطاب وغيره في توريث المرأة من دية زوجها على الضحاك بن سُفيَان الكلابي، وكما رجع زيد بن ثابت وغيره إلى امرأة من الأنصار في سقوط طواف الوداع عن الحائض.
([1])أخرجه: البخاري رقم (2047)، ومسلم رقم (2494).
الصفحة 5 / 458
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد