×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

 الوجه الرابع: أن الصَّحابَة كلهم كانوا يأخذون بحديث أبي هُريْرَة؛ كعمر، وابن عمر، وابن عباس، وعَائشَة، ومن تأمل كتب الحديث عرف ذلك.

الوجه الخامس: أن أحدًا من الصَّحابَة لم يطعن في شيء رواه أبو هُريْرَة بحيث قال: إنه أخطأ في هذا الحديث لا عمر ولا غيره، بل كان لأبي هُريْرَة مجلس إلى حجرة عَائشَة فيحدث ويقول: يا صاحبة الحجرة هل تنكرين مما أقول شيئًا؟ فلما قضت عَائشَة صلاتها لم تنكر مما رواه شيئًا، لكن قالت: إن رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم لم يكن يسرد الحديث سردكم ([1])، ولكن كان يحدث حديثًا لو عده العاد لحفظه، فأنكرت صفة الأداء لا ما أداه.

وكذلك ابن عمر قيل له: هل تنكر مما يحدث أبو هُريْرَة شيئًا؟ فقال: لا، ولكن أخبر وجبنا، فقال أبو هُريْرَة: ما ذنبي إن كنت حفظت ونسوا ([2]).

وكانوا يستعظمون كثرة روايته حتى يقول بعضهم: أكثر أبو هُريْرَة! حتى قال أبو هُريْرَة: النَّاس يقولون: أكثر أبو هُريْرَة، والله الموعد، أما إخواني من المهاجرين فكان يشغلهم الصفق في الأسواق، وأما إخواني من الأنصار فكان يشغلهم عمل أموالهم، وكنت امرءًا مسكينًا ألزم رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم فكنت أشهد إذا غابوا وأحفظ إذا نسوا.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (3567)، ومسلم رقم (2493).

([2])أخرجه: أبو داود رقم (1261)، وابن خزيمة رقم (1120)، والبيهقي في «الكبرى» رقم (4887).