وقوله: {ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰٓ إِلَى ٱلسَّمَآءِ
وَهِيَ دُخَانٞ﴾[فصلت: 11]،
إلى غير ذلك من آيات الصفات وأحاديث الصفات؟ كقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ ْقُلُوبَ العِبَادِ بَيْنَ
إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ» ([1])، وقوله: «يَضَعُ
الجَبَّارُ قَدَمَهُ فِي النَّار» ([2]) إلى غير ذلك، وما قالت العلماء فيه؟
فأجاب رضي الله عنه بقوله: الحمد لله رب العالمين، قولنا فيها
ما قاله أئمة الهدى الذين أجمع المُسلمُون على هدايتهم ودرايتهم، وهذا هو الواجب
على جميع الخلق في هذا الباب وغيره؛ فإن الله عز وجل بعث محمدًا صلى الله عليه
وسلم بالهدى ودين الحق؛ ليخرج النَّاس من الظلمات إلى النور، بإذن ربهم إلى صراط
العزيز الحميد.
وشهد له بأنه بعثه داعيًا إليه بإذنه وسراجًا منيرًا، وأمره أن
يقول: {قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠
وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ﴾[يوسف: 108] فمن المحال أن يكون السراج المنير الذي أخرج
الله به النَّاس من الظلمات إلى النور، وأنزل معه الكتاب بالحق ليحكم بين النَّاس
فيما اختلفوا فيه، وأمر النَّاس أن يردوا ما تنازعوا فيه من أمر دينهم إلى ما بعث
به من الكتاب والحكمة، وهو يدعو إلى الله وإلى سبيله بإذنه على بصيرة، وقد أخبر
الله بأنه أكمل له ولأمته دينهم وأتم عليهم نعمته.
محال مع هذا وغيره أن يكون قد ترك باب الإِيمَان باش والعلم به ملتبسًا مشبهًا! ولم يميز بين ما يجب لله من الأسماء الحسنى والصفات العليا، وما يجوز عليه وما يمتنع عليه أي: ما يجب أن ينزه عنه؛ فإن
([1])أخرجه: مسلم رقم (2654).