معرفة هذا أصل الدين، وأساس الهداية، وأفضل وأوجب ما اكتسبته القلوب،
وحصلته النفوس، وأدركته العقول، فكيف يكون ذلك الكتاب وذلك رسُول اللهِ صلى الله
عليه وسلم وأفضل خلق الله بعد النَّبيّين لم يحكموا هذا الباب اعتقادًا وقولاً؟
ومن المحال أيضًا أن يكون النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قد علم
أمته كل شيء حتى الخراءة ([1]) يعني آداب قضاء الحاجة، وقال: «تَرَكْتُكُمْ عَلَى المَحَجَّةِ الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لاَ
يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي مِنْكُمْ إلاَّ هَالِكٌ» ([2])، وقال فيما صح عنه أيضًا: «مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبِيٍّ إلاَّ كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ
أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمَهُ لَهُمْ، وَيَنْهَاهُمْ عَنْ شَرِّ مَا يَعْلَمَهُ
لَهُمْ» ([3]).
وقال أبو ذر: «لقد توفي
رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلاَّ ذكر لنا منه
علمًا» ([4])، وقال عمر بن الخطاب: «قَامَ فِينَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَقَامًا فَأَخْبَرَنَا عَنْ
بَدْءِ الْخَلْقِ حَتَّى دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنَازِلَهُمْ وَأَهْلُ
النَّارِ مَنَازِلَهُمْ حَفِظَ ذَلِكَ مَنْ حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ»،
ورواه البخاري ([5]).
ومحال مع تعليمهم كل شيء لهم فيه منفعة في الدين أن يترك تعليمهم ما يقولونه بألسنتهم ويعتقدونه في قلوبهم في ربهم ومعبودهم، رب العالمين الذي معرفته غاية المعارف وعبادته أشرف المقاصد والوصول إليه غاية المطالب.
([1])أخرجه: مسلم رقم (262).