كما يقوله بعض الأغبياء ممن لم يقدر السلف حق قدرهم، ولا عرف
الله ورسوله والمؤمنين به حقيقة المعرفة المأمور بها، من أن طريقة السلف أسلم
وطريقة الخلف أعلم وأحكم؛ فإن هؤلاء المبتدعين الذين يفضلون طريقة الخلف من
المتفلسفة، ومن حذا حذوهم على طريقة السلف.
إنما أتوا من حيث ظنوا أن طريقة السلف هي مجرد الإِيمَان بألفاظ
القران والحديث من غير فقه لذلك؛ بمنزلة الأميين الذين قال الله فيهم: {وَمِنۡهُمۡ أُمِّيُّونَ لَا يَعۡلَمُونَ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّآ أَمَانِيَّ﴾[البقرة: 78] وأن طريقة الخلف هي استخراج معاني النصوص المصروفة
عن حقائقها بأنواع المجازات وغرائب اللغات.
فهذا الظن الفاسد أوجب تلك المقالة التي مضمونها نبذ الإسلام
وراء الظهر، وقد كذبوا على طريقة السلف وضلوا في تصويب طريقة الخلف؛ فجمعوا بين
الجهل بطريقة السلف، والكذب عليهم وبين الجهل والضلال بتصويب طريقة الخلف، وسبب
ذلك: اعتقادهم أنه ليس في نفس الأمر صفة دلت عليها هذه النصوص بالشبهات الفاسدة
التي شاركوا فيها إخوانهم من الكافرين.
فلما انتقدوا انتفاء الصفات في نفس الأمر، وكان مع ذلك لا بد
للنصوص من معنى؛ بقوا مترددين بين الإِيمَان باللفظ وتفويض المعنى - وهى التي يسمونها
طريقة السلف - وبين صرف اللفظ إلى معان بنوع تكلف - وهى التي يسمونها طريقة الخلف
- فصار هذا الباطل مركبًا من فساد العقل والكفر بالسمع؛ فإن النفي إنما اعتمدوا
فيه على أمور عقلية ظنوها شبهات وهي شبهات، والسمع حرفوا فيه الكلم عن مواضعه.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد