×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

ويقول الآخر منهم: لقد خضت البحر الخضم وتركت أهل الإسلام وعلومهم، وخضت في الذي نهوني عنه، والآن إن لم يتداركني ربي برحمته فالويل لفلان، وها أنا أموت علي عقيدة أمي، اهـ.

ويقول الآخر منهم: أكثر النَّاس شكا عند الموت أصحاب الكلام، ا هـ.

هذه شهادات ساقها الشيخ رحمه الله عن أهل الكلام المسمين بالخلف على أنفسهم بالإفلاس من العلم، وعدم معرفة الحق؛ لأنهم أعرضوا عن العلم النافع الذي جاء به الكتاب والسنة، واعتمدا عقولهم وقواعدهم الكلامية المنطقية الجلدية؛ فكيف مع هذا يقال: إنهم أعلم من السلف؟

ولهذا يقول الشيخ منكرًا هذه المقالة الإجرامية: ثم هؤلاء المتكلمون المخالفون للسلف إذ حقق عليهم الأمر لم يجد عندهم من حقيقة العلم بالله وخالص المعرفة به خبر، ولم يقفوا من ذلك علي عين ولا أثر.

كيف يكون هؤلاء المحجوبون المنقرصون المسبوقون الحياري المتهوكون أعلم بالله وأسمائه وصفاته، وأحكم في باب ذاته وآياته من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان من ورثة الأنبياء وخلفاء الرسل وأعلام الهدى مصابيح الدجى، الذين بهم قام الكتاب وبه قاموا، وبهم نطق الكتاب وبه نطقوا؟ الذين وهبهم الله من العلم والحكمة ما برزوا به علي سائر أتباع الأنبياء فضلاً عن سائر الأمم الذين لا كتاب لهم، وأحاطوا من حقائق المعارف وبواطن الحقائق، بما لو جمعت حكمة غيرهم إليها لاستحيا من يطلب المقابلة.

ثم كيف يكون خير قرون الأمة أنقص في العلم والحكمة - لا سيما العلم بالله وأحكام أسمائه وآياته - من هؤلاء الأصاغر بالنسبة إليهم؟ 


الشرح