بل كان وجود الكتاب والسنة
ضررًا محضًا في أصل الدين!
فإن حقيقة الأمر علي ما يقول هؤلاء: إنكم يا معشر العباد! لا
تطلبوا معرفة الله عز وجل وما يستحقه من الصفات نفيا وإثباتًا، لا من الكتاب ولا من
السنة ولا من طريق سلف الأمة، ولكن انظروا أنتم فما وجدتموه مستحقًّا له من الصفات
فصفوه به، سواء كان موجودًا في الكتاب والسنة أو لم يكن، وما لم تجدوه مستحقًّا له
في عقولكم فلا تصفوه به.
ثم هم ههنا فريقان: أكثرهم يقولون: ما لم تثبته عقولكم فانفوه،
ومنهم من يقول: بل توقفوا فيه، وما نفاه قياس عقولكم الذي أنتم فيه مختلفون ومضطربون،
اختلافًا أكثر من جميع ما على وجه الأرض فانفوه، وإليه عند التنازع فارجعوا، فإنه
الحق الذي تعبدتكم به، وما كان مذكورًا في الكتاب والسنة مما يخالف قياسكم هذا، أو
يثبت ما لم تدركه عقولكم علي طريقة أكثرهم؛ فاعلموا أني أمتحنكم بتنزيله، لا
لتأخذوا الهدي منه، لكن لتجتهدوا في تخريجه على شواذ اللغة ووحشي الألفاظ وغرائب
الكلام، أو أن تسكتوا عنه مفوضين علمه إلي الله، مع نفي دلالته على شيء من الصفات.
هذا حقيقة الأمر على رأي هؤلاء المتكلمين، وهذا الكلام مضمونه: أن كتاب الله لا يهتدي به في معرفة الله، وأن الرسول معزول عن التعليم والإخبار بصفات من أرسله، وأن النَّاس عند التنازع لا يردون ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول، بل إلى مثل ما كانوا عليه في الجاهلية، وإلى مثل ما يتحاكم إليه من لا يؤمن بالأنبياء كالبراهمة الفلاسفة - وهم المشركون والمجوس وبعض الصابئين -.
الصفحة 4 / 458
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد