ومن المعلومِ أنَّ اللهَ لا يحِبُّ الجهلَ ولا الشَّكَّ ولا الحيرةَ ولا الضلالَ وإنما يُحِبُّ الدِّينَ والعلمَ واليقين، وقد ذَمَّ الحيرةَ بقولِه تعالى: {قُلۡ أَنَدۡعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰٓ أَعۡقَابِنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَىٰنَا ٱللَّهُ كَٱلَّذِي ٱسۡتَهۡوَتۡهُ ٱلشَّيَٰطِينُ فِي ٱلۡأَرۡضِ حَيۡرَانَ لَهُۥٓ أَصۡحَٰبٞ يَدۡعُونَهُۥٓ إِلَى ٱلۡهُدَى ٱئۡتِنَاۗ قُلۡ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلۡهُدَىٰۖ وَأُمِرۡنَا لِنُسۡلِمَ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٧١ وَأَنۡ أَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّقُوهُۚ وَهُوَ ٱلَّذِيٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ ٧٢﴾[الأنعام: 71- 72]، وقد أمرنا الله تعالى أن نقول: {ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ ٦ صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ ٧﴾[الفاتحة: 6- 7]، وفي «صحيح مسلم» وغيره عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل يقول: «اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» ([1]) فهو صلى الله عليه وسلم يسألُ ربَّه أنْ يهديَه لما اختُلفَ فيه من الحَق؛ فكيفَ يكونُ محبوب الله عدم الهدى في مسائل الخلاف؟ وقد قال اللهُ تعالى له: {وَقُل رَّبِّ زِدۡنِي عِلۡمٗا﴾[طه: 114]، وما يذكرُه بعضُ الناسِ عنه أنه قال: «زدني فيك تحيرًا»؛ كذب باتفاقِ أهلِ العلمِ بحديثِه صلى الله عليه وسلم، بل هذا سؤالٌ من هو حائر، وقد سألَ المزيدَ من الحيرة! ولا يجوزُ أن يسألَ ويدعو بمزيدِ الحيرةِ إذا كان حائرًا بل يسألُ الهُدى والعلم؛ فكيفَ بمن هو هادي الخلْقِ من الضَّلالة؟ وإنما ينقل مثل هذا عن بعضِ الشيوخِ الذين لا يُقتدَى بهم في مثلِ هذا؛ إن صحَّ النَّقلُ عنه.
([1])أخرجه: مسلم رقم (770).