سألْتُ أبا حنيفة عمَّن
يقول: لا أعرفُ ربي في السماءِ أو في الأرض؟ قال: كفر؛ لأنَّ اللهَ عز وجل يقول: {ٱلرَّحۡمَٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ﴾[طه: 5]، وعرشُه فوقَ سبعِ سماواتِه، فقلتُ: إنه يقولُ
على العرشِ استوى، ولكن لا يدري العرشُ في السماءِ أو في الأرض! فقال: إذا أنكر
أنَّه في السماءِ كَفَر؛ لأنه تعالى في أعلى عِلِّيين وأنه يُدْعَى من أعلى لا من
أسفل، وقال عبدُ اللهِ بن نافع: كان مالكُ بنُ أنسٍ يقول: اللهُ في السماءِ وعلمُه
في كلِّ مكان.
وقال معدان: سألْتُ سفيانَ الثَّوري عن قولِه تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمۡ أَيۡنَ مَا كُنتُمۡۚ﴾[الحديد: 4]،
قال: علمه، وقال حمَّادُ بنُ زيد فيما ثبتَ عنه من غيرِ وجه رواه ابن أبي حاتم
والبخاري وعبد الله بن أحمد وغيرهم: إنما يدور كلامُ الجهميةِ على أن يقولوا: ليس
في السماءِ شيء، وقال عليٌّ بنُ الحسن بن شفيق: قلت لعبدِ اللهِ بنِ المبارك:
بماذا نعرفُ ربَّنا؟ قال: بأنَّه فوقَ سماواتِه على عرشِه بائنٌ من خلقِه، قلت:
بحد؟ قال: بحَدٍّ لا يعلمُه غيرُه، وهذا مشهورٌ عن ابنِ المبارك ثابتٌ عنه من غيرِ
وجه، وهو أيضًا صحيحٌ ثابتٌ عن أحمدَ وإسحاقَ وغيرَ واحدٍ من الأئمة، وقال رجلٌ
لعبدِ اللهِ بنِ المبارك: يا أبا عبد الرحمن قد خِفْتُ اللهَ من كثرةِ ما أدعو على
الجَهميَّة، قال: لا تخَفْ فإنهم يزعمون أنَّ إلهَك الذي في السماءِ ليس بشيء.
وقال جريرٌ بنُ عبد الحميد: كلامُ الجهيمةِ أولُّه شهْدٌ وآخِرُه سُم، وإنما يحاولون أن يقولوا: ليس في السماءِ إله، رواه ابنُ أبي حاتم، ورَوى هو وغيرُه بأسانيدٍ ثابتةٍ عن عبدِ الرحمنِ بنِ مهدي، قال: إنَّ الجهيمةَ أرادوا أن ينفوا أنْ يكونَ اللهُ عز وجل كلَّمَ موسى بنَ عِمرانَ وأنْ