×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

 يكونَ على العرش، أرى أن يُسْتتَابوا فإن تَابوا وإلا ضُربَتْ أعناقُهم، وقال يزيدُ بنُ هارون: من زعَمَ أنَّ اللهَ على العرشِ استوى على خِلافِ ما يَقرُّ في قلوبِ العامةِ فهو جَهْمي، وقال سعيدٌ بنُ عامرٍ الضبعي، وذكَر عنده الجهمية فقال: هم أشرُّ قولاً من اليهودِ والنَّصارى، قد أجمعَ أهلُ الأديانِ مع المسلمين على أنَّ اللهَ على العرش، وقالوا هم: ليس على شيء، وقال عبادُ بنُ العوَّام الواسِطِي: كلَّمْتُ بِشرًا المَريسي وأصحابَه فرأيتُ آخِرَ كلامِهم ينتهي إلى أن يقولوا: ليس في السماءِ شيء، أرى والله، أن لا يُناكَحوا ولا يُوارَثوا، وهذا كثيرٌ في كلامِهم.

وهكذا ذكَرَ أهلُ الكلامِ الذين ينقلُون مقالاتِ الناس: مقالةَ أهلِ السُّنةِ وأهلِ الحديث، كما ذكَرَه أبو الحسن الأشعري في كتابِه الذي صنَّفه في «اختلاف المصلين ومقالات الإسلاميين»؛ فذَكَر فيه أقوالَ الخَوَارجِ والرَّوَافضِ والمعتزلةِ والمُرجِئةِ وغيرهم، ثم قال ذكر مقالة أهلِ السُّنةِ وأصحابِ الحديث

وجملةُ قولِهم الإقرارُ باللهِ عز وجل وملائكتِه وكتبِه ورسلِه وبما جاء من عندِ الله، وبما رواه الثِّقاتُ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لا يرُدُّون من ذلك شيئًا، إلى أن قال: وأنَّ اللهَ على عرشِه كما قال: {ٱلرَّحۡمَٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ[طه: 5]، وأن له يَديْن بلا كَيف، كما قال تعالى: {لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ[ص: 75]، وأقرُّوا أنَّ للهِ علمًا كمًا قال: {أَنزَلَهُۥ بِعِلۡمِهِۦۖ[النساء: 166]، {وَمَا تَحۡمِلُ مِنۡ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلۡمِهِۦۚ[فاطر: 11]، وأثبتوا السمعَ والبصرَ ولم ينفوا ذلك عن اللهِ كما نفتْه المُعْتزلة، وقالوا: إنه لا يكونُ في الأرضِ من خيرٍ ولا شرٍّ إلاَّ ما شاء الله، وأنَّ الأشياءَ تكونُ بمشيئةِ اللهِ كما قال: {وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُُۚ[الإنسان: 30].


الشرح