×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

وهو ساجدٌ وروحُه في بدنِه، وأحكامُ الأرواحِ مُخالفٌ لأحكامِ الأبدان، فكيفَ بالملائكة؟ فكيفَ بربِّ العالمين؟.

والليلُ يختلفُ فيكونُ ثلثُه بالمشرقِ قبلَ أن يكونَ ثلثُه بالمغرب، ونزولُه تعالى الذي أخبرَ به رسولَه إلى سماءِ هؤلاء في ثُلثِ ليلِهم، وإلى سماءِ هؤلاء في ثلثِ ليلِهم؛ لا يشغلُه شأنٌ عن شأن، وكذلك قُربُه من الدَّاعي المُتقرِّبِ إليه والساجدِ لكلِّ واحدٍ بحسبِه حيثُ كان وأين كان، والرجلان يسجدان في موضِع، ولكلِّ واحدٍ قربٌ يخصُّه لا يشركُه فيه الآخر، والنصوصُ الواردةُ فيها الهدى والشفاء والذي بلَّغَها بلاغًا، مبيَّنًا هو أعلمُ الخلْقِ بربِّه، وأنصحُهم لخَلقِه، وأحسنُهم بيانًا، وأعظمُهم بلاغًا فلا يمكنُ أن يعلمَ ويقول مثلَ ما علَّمه الرسولُ وقاله، وكلُّ منْ مَنَّ اللهُ عليه ببصيرةٍ في قلبِه تكونُ معه معرفةٌ بهذا، ثم قال تعالى: {وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلۡحَقَّ وَيَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ[سبأ: 6]، وقال في ضدهم: {وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِ‍َٔايَٰتِنَا صُمّٞ وَبُكۡمٞ فِي ٱلظُّلُمَٰتِۗ مَن يَشَإِ ٱللَّهُ يُضۡلِلۡهُ وَمَن يَشَأۡ يَجۡعَلۡهُ عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ[الأنعام: 39].

ثم بيَّنَ الشيخ رحمه الله معنى «الظاهر» من أسماءِ اللهِ سبحانه فقال: وقولُه تعالى: «الظاهر» ضمِن معنى العالي كما قال: {فَمَا ٱسۡطَٰعُوٓاْ أَن يَظۡهَرُوهُ[الكهف: 97]، ويقال: ظهَرَ الخطيبُ على المِنبر، وظاهِرُ الثوبِ أعلاه، بخلافِ بطانتِه، وكذلك ظاهرُ البيتِ أعلاه، وظاهرُ القولِ ما ظهَرَ منه وبان، وظاهرُ الإنسانِ خِلافُ باطنِه، فكلَّما عَلا الشيءُ ظهر، ولهذا قال: «أَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ» ([1])؛ فأثبتَ الظهورَ


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (2713).