القُربِ الذي قبلَه، فإن
هذا ينكره الجهمي الذي يقول: ليس فوق السماوات رب يعبد ولا إله يُصَلَّى له ويسجد،
وهذا كفر وفند، والأول تنكره الكلابية، ومن يقول: لا تقوم الأمور الاختيارية به.
ثم بيَّنَ الشيخُ رحمه الله تفاوُتَ المؤمنين في إيمانِهم
باللهِ عز وجل فقال: بل الخلْقُ في إيمانِهم باللهِ وكتابِه ورسولِه متنوعون،
فلُكلِّ منهم في قلبِه للكتابِ والرسولِ مثالٌ علمِيٌّ بحسَبِ معرفته، مع
اشتراكِهم في الإيمانِ باللهِ وبكاتبِه وبرسولِه، فهم متنوعون في ذلك متفاضلون،
وكذلك إيمانُهم بالمعادِ والجنةِ والنار، وغيرِ ذلك من أمورِ الغيب، وكذلك ما
يُخبِرُ به الناسُ بعضُهم بعضًا من أمورِ الغيب، بل يشاهدون الأمورَ ويسمعون
الأصوات، وهم متفاوتون ومتنوعون في الرؤيةِ والسَّماع، فالواحدُ منهم يَتَبيَّنُ
له من حالِ المشهودِ ما لم يتبينْ للآخرِ حتى قد يختلفون فيُثبتُ هذا ما لمْ
يُثبتْه الآخر، فكيفَ فيما أخبروا به من أمورِ الغيب؟.
والنبيُّ صلى الله عليه وسلم أخبرَهم عن الغيبِ بأحاديثَ كثيرة، وليس كلُّهم سمعها مفصلة، والذين سمعوا ليس كلُّهم فهم مرادُه بل هم متفاضلون في السَّمعِ والفهمِ كتفاضُل معرفتِهم، وإيمانهم بحسب ذلك حتى يثبت أحدهم أمورًا كثيرة والآخر لا يثبتها، لا سيما من علق بقلبه شبه النفاة، فهو ينفي ما أثبته الكتاب والسنة، وما عليه أهل الحق، وهذا يبين لك أن هؤلاء كلهم مؤمنون بالله وكتابه ورسوله واليوم الآخر - وإن كانوا متفاضلين في الإيمان - إلاَّ من شاق الرسل من بعد ما تبين له الهدى، واتبع غير سبيل المؤمنين، ثم هم يتفاضلون في العلم والإرادة، فإن كان أحدهم أكثر محبة لله، وإن كان لغيره من العلم بالأسماء والصفات