×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

ما ليس له، فصاحب المحبة والذكر والتأله يحصل له من حضور الرب في قلبه وأنسه به ما لا يحصل لمن ليس مثله، وكذلك الإيمان بالرسول قد يكون أحد الشخصين أعلم بصفاته والآخر أكثر محبة له.

إلى أن قال رحمه الله: وهذا يُبيِّنُ أنَّ كلَّ من أقرَّ باللهِ فعنده من الإيمانِ بحسب ذلك، ثُمَّ من لم تقُمْ عليه الحُجَّةُ بما جاءتْ به الأخبارُ لم يكفرْ بجحدِه، وهذا يُبيِّنُ أنَّ عامَّةَ أهلِ الصلاةِ مؤمنون باللهِ ورسولِه، وإن اختلفتْ اعتقاداتُهم في معبودِهم وصفاتِه إلاَّ من كان مُنافقًا يُظهِرُ الإيمانَ بلسانِه، ويُبطِنُ الكفرَ بالرسولِ فهذا ليس بمؤمن، وكلُّ من أظهرَ الإسلامَ ولم يكُنْ منافقًا فهو مؤمنٌ له من الإيمانِ بحسبِ ما أُوتيه من ذلك، وهو ممَّن يخرجُ من النَّار ولو كان في قلبِه مثقالُ ذرةٍ من إيمان، ويدخلُ في هذا جميعُ المتنازعين في الصفاتِ والقدْرِ على اختلافِ عقائدِهم، ولو كان لا يدخلُ الجنةَ إلاَّ من يعرِفُ اللهَ كما يعرفُه نبيُّه صلى الله عليه وسلم لم تدخُلْ أمَّتُه الجَنة، فإنهم أو أكثرُهم لا يستطيعون هذه المعرفة، بل يدخلونها وتكونُ منازلُهم متفاضِلةٌ بحسبِ إيمانِهم ومعرفتِهم، وإذا كان الرجلُ قد حصَلَ له إيمانٌ يعرِفُ الله به، وأتى آخَرُ بأكثرِ من ذلك عجَز عنه، لم يحملْ ما لا يَطيق، وإن كان يحصُلُ له بذلك فتنةٌ لم يُحدِّثْ بحديثٍ يكونُ له فيه فتنة، فهذا أصلٌ عظيمٌ في تعليمِ الناس، ومخاطبتهم بالخِطابِ العامِّ بالنصوصِ التي اشتركوا في سماعِها؛ كالقُرآنِ والحديثِ المشهورِ وهم مختلفون في معنى ذلك، واللهُ أعلم.

***


الشرح