×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

 فأنكَرَ أن يكون له سَمِي، وقال تعالى: {فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا[البقرة: 22]؛ وقال تعالى: {فَلَا تَضۡرِبُواْ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡثَالَۚ[النحل: 74]، وقال تعالى: {لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ[الشورى: 11]، ففيما أخبرَ به عن نفسِه من تنزيهِه عن الكُفؤ والسَّمِي والمِثْلِ والنِّد، وضرْبِ الأمثالِ له بيانُ أن لا ِمثلَ له في صفاتِه ولا أفعالِه، فإنَّ التمَاثُلَ في الصفاتِ والأفعالِ يتضمَّنُ التماثُلَ في الذَّات، فإنَّ الذاتين المختلفتين يمتنعُ تماثُلُ صفاتِهما وأفعالِهما، إذًا تماثُلُ الصفاتِ والأفعالِ يستلزمُ تماثلَ الذَّوات، فإنَّ الصفةَ تابعةٌ للموصوفِ بها، والفعلُ أيضًا تابعٌ للفاعل، بل هو مما يُوصَفُ به الفاعل، فإذا كانت الصفتان متماثلتين كان الموصوفان متماثلين؛ حتى إنه يكونُ بينَ الصفاتِ من التَّشابهِ والاختلافِ بحسبِ ما بيْن الموصوفين كالإنسانين كما كانا من نوعٍ واحدٍ فتختلفُ مقاديرُهما وصفاتُهما بحسبِ اختلافِ ذاتيهما، ويتشابَهُ ذلك بحسبِ تشابُهِ ذلك.

كذلك إذا قيل: بين الإنسانِ والفرسِ تشابُهٌ من جهةِ أنَّ هذا حيوانٌ وهذا حيوان؛ واختلافٌ من جهةِ أنَّ هذا ناطقٌ وهذا صاهِل، وغير ذلك من الأمور، كان بين الصِّفتين من التشابُهِ والاختلافِ بحسبِ ما بين الذاتين، وذلك أنَّ الذاتَ المُجرَّدةَ عن الصفةِ لا تُوجَدُ إلاَّ في الذِّهن، فالذهنُ يُقدِّرُ ذاتًا مجردةً عن الصفةِ ويُقدِّرُ وجودًا مُطلقًا لا يَتعيَّن.

وأما الموجوداتُ في أنفسِها فلا يُمكنُ فيها وجودُ ذاتٍ مُجرَّدةٍ عن كلِّ صفةٍ ولا وُجودٌ مُطلَقٌ لا يتعينُ ولا يتخصَّص، وإذا قال من قال من أهل الإثبات للصفات: أنا أثبت صفات لله صفات زائدة على ذاته؛ فحقيقة ذلك أنا نثبتها زائدة على ما أثبته النُّفاةُ من الذات، فإنَّ النفاةَ اعتقدوا ثبوتَ ذاتٍ مجرَّدةٍ عن الصِّفاتِ، فقال أهلُ الإثبات: نحن نقولُ 


الشرح