المخلوقين، فيقول رحمه
الله: إنَّ الاشتراكَ في الاسمِ العامِ المُطلقِ لا يلزَمُ منه التشابُهُ بين
المشركين، ولو اتفقَ المعنى العام، يقول: وذلك أنَّ هذه الأسماء العامة إما أنْ
تُستعمَلَ عامةً مطلقة، كما إذا قيل: الموجودُ ينقسمُ إلى واجبٍ وممكنٍ وقديمٍ
ومحدثٍ وخالقٍ ومخلوق، والعلمُ ينقسمُ إلى قديمٍ ومحدَث، وإما أنْ تستعملَ خاصةً
معينة كما إذا قيل: وجودُ زيدٍ وعمرو وعلمُ زيدٍ وعمرو وذاتُ زيدٍ وعمرو، فإذا
استُعملتْ خاصةً معينة دلَّت على ما يختص به المسمى لم تدلْ على ما يُشركُه فيه
غيرُه في الخارج، فإن ما يَختصُّ به المُسَمَّى لا شركة فيه بينه وبين غيره، فإذا
قيل: علمُ زيدٍ ونزولُ زيدٍ واستواءُ زيد ونحوُ ذلك لم يدُلْ على ما يُشركُه فيه
غيره، لكن لما علمنا أن زيدًا نظيرُ عمرو وعلِمنا أن علمَه نظيرُ علمِه ونزولَه
نظيرُ نزولِه واستواءَه نظيرُ استوائِه، فهذا علمناه من جهةِ القياسِ والمعقولِ
والاعتبارِ لا من جهةِ دلالةِ اللفظِ، فإذا كان هذا من صفاتِ المخلوقِ فذلك من
الخالقِ أولى.
فإذا قيل: علمُ اللهِ وكلامُ اللهِ ونزولُه واستواؤُه ووجودُه
وحياتُه، ونحو ذلك، لم يدُلْ ذلك على ما يُشاركُه فيه أحدٌ من المخلوقين بطريقِ
الأولى، ولم يدُلْ ذلك على مُمَاثلةِ الغيرِ له في ذلك كما دلَّ في زيدٍ وعمرو،
لأنا هناك علمنا التماثل من جهة الاعتبار والقياس لكون زيد مثل عمرو، وهنا نعلم
أنَّ اللهَ لا مثل له ولا كفؤ ولا ند؛ فلا يجوزُ أن نفهمَ من ذلك أنَّ علمَه مثل
علمِ غيرِه ولا كلامَه مثلَ كلامِ غيرِه، ولا استواءَه مثل استواءِ غيرِه، ولا
نزولَه مثلَ نزولِ غيرِه، ولا حياتَه مثلَ حياةِ غيرِه.
ولهذا كان مذهبُ السلفِ والأئمةُ: إثباتَ الصفاتِ وَنَفِي مُمَاثلتِها لصفاتِ المخلوقات، فاللهُ تعالى موصوفٌ بصفاتِ الكمالِ الذي