لا نقْصَ فيه، مُنزَّهٌ عن
صفاتِ النقصِ مطلقًا، ومنزَّهٌ عن أنْ يماثلَه غيرُه في صفاتِ كمالِه، فهذان
المعنيان جمَعَا التنزيه، وقد دَلَّ عليهما قولُه تعالى: {قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ١ ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ ٢﴾[الإخلاص: 1-
2]، فالاسم «الصمد» يضمن صفات الكمال، والاسم «الأحد» يتضمن نفي المثل، فالقول في
صفاته كالقول في ذاته، والله تعالى ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته، لكن
يُفهمُ من ذلك أنَّ نسبةَ هذه الصفةِ إلى موصوفِها كنسبةِ هذه الصفةِ إلى
موصوفِها، فعلمُ اللهِ وكلامُه ونزولُه واستواؤُه هو كما يناسبُ ذاتَه ويليقُ بها،
كما أنَّ صفةَ العبدِ هي كما تُناسبُ ذاتَه وتليقُ به، ونسبةَ صفاتِه إلى ذاتِه
كنسبةِ صفاتِ العبدِ إلى ذاتِه، ولهذا قال بعضُهم: إذا قال لك السائل: كيفَ ينزِل؟
أو كيفَ استوى؟ أو كيف يعلم؟ أو كيف يتكلم ويقدر ويخلق؟ فقل له: كيفَ هو نفسُه؟
فإذا قال: أنا لا أعلمُ كيفيهَ ذاتِه، فقلْ له: وأنا لا أعلمُ كيفيةَ صفاتِه،
فإنَّ العلمَ بكيفيةِ الصفةِ يتبعُ العلمَ بكيفيةِ الموصوف، فهذا إذا استُعملتْ
هذه الأسماءُ والصفاتُ على وجهِ التخصيصِ والتعيين، وهذا هو الواردُ في الكِتابِ
والسُّنة، وأما إذا قيلتْ مطلقةً وعامةً فالمعاني لا تكونُ مطلقةً وعامةً إلاَّ في
الأذهانِ لا في الأعيان، فلا يكونُ موجودٌ موجودًا عامًا مطلقًا أو عامًا إلاَّ في
الذهن.
إلى أن قال رحمه الله وتمامُ الكلامِ في هذا البابِ أنك تعلم
أنا لا نعلمُ ما غابَ عنا إلاَّ بمعرفةِ ما شهدْناه، فنحنُ نفرق أشياء بحسنا
الظاهر أو الباطن، وتلك معرفة معينة مخصوصة، ثم إنا بعقولِنا نعتبرُ الغائبَ بالشاهدِ
فيبقى في أذهانِنا قضايا عامةٌ كلية، ثم إذا خُوطِبنا بوصْفٍ ما غابَ عنَّا لم
نفهم ما قيلَ لنا إلاَّ بمعرفةِ المشهودِ لنا، فلولا أنَّا نشهدُ