×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

قيل له: حصُولُ هذا في القلوبِ حَق، لكن هذا ينزلُ إلى الأرضِ إلى قلوبِ عبادِه لا ينزلُ إلى سماء الدنيا، ولا يصعَدُ بعد نزولِه، وهذا يوجَدُ في القلوبِ يبقى بعدَ طلوع الفجر، لكنَّ هذا النورَ والبركةَ والرحمةَ التي في القلوبِ هي من آثارِ ما وصَفَ به نفسَه من نزولِه بذاتِه سبحانه وتعالى؛ كما وصَفَ نفسه بالنزولِ عَشِيَّةَ عرفةَ في عدَّةِ أحاديثَ صحيحة، وبعضُها في «صحيح مسلم» عن عائشة رضي الله عنها عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ عز وجل فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو عز وجل ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ.؟» ([1])، وعن جابرٍ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله ُعليه وسلم: «إِذَا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ إِنَّ اللهَ يَنْزِلُ إِلَى سماءِ الدُّنيا يُبَاهِي بِأهلِ عَرَفةَ الْمَلاَئِكَةَ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا، ضَاحِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ» ([2])، وعن أمِّ سَلمة رضي الله عنها قالت: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ ينزلُ إلى السماءِ الدنيا يبَاهي بأهلِ عَرَفةَ الملائكة، ويقول: اُنظرُوا إلى عِبَادي أَتَوْنِي شُعْثًا غبرًا» ([3])؛ فوصَفَ أنه يَدنُو عَشِيَّةَ عرفةَ إلى السماءِ الدنيا، ويُبَاهي الملائكةَ بالحَجيج، فيقولُ: انظروا إلى عِبَادي أَتوني شُعْثًا غُبرًا ما أرَاد هؤلاء؟ فإنه من المعلومِ أنَّ الحجيجَ عَشِيَّةَ عرفةَ ينزلُ على قلوبِهم من الإيمانِ والرحمةِ والنورِ والبركةِ ما لا يُمكنُ التعبيرُ عنه، لكن ليس هذا الذي في قلوبِهم هو الذي يَدنو إلى السَّماءِ الدنيا، ويُبَاهي الملائكةَ بالحَجِيج.


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (1348).

([2])أخرجه: ابن خزيمة رقم (2839)، وأحمد رقم (7089)، وابن حبان رقم (3853).

([3])أخرجه: ابن خزيمة رقم (2839)، وأحمد رقم (7089)، وابن حبان رقم (3853).