يُسَمُّونهم مجسِّمة مشبِّهة حَشْوِيَّة، والصِّفاتِيَة هم
السَّلَف والأَئمَّة وجميع الطَّوائفِ المُثبِتة للصِّفاتِ كالكُلاَّبية
والكَرَّامية والأَشعَرِيَّة والسَّالِمية وغَيرِهم من طوائف الأمة.
قالت نُفاة الصِّفات من الجَهمِيَّة والمُعتَزِلَة وطائفة من
الفَلاسِفَة لهَؤُلاءِ: إذا أثبتُّم له حياةً وقدرةً وكلامًا فهذه أعراض، والأعراض
لا تقوم إلاَّ بجسمٍ، وإذا قلتم: يرى فالرُّؤية لا تكون إلاَّ لمُعايَنٍ في جِهَة،
وهذا يستلزم التَّجسيم، وإنْ كان الرَّجل ممَّن يُوافِق الصِّفات ويُثبِت أَسماءَ
الله الحسنى كما تَفعَل المُعتَزِلَة وأئِمَّة الكلام، سمَّاه نُفاةِ أسماء الله
الحَسَنة مشبِّهًا حَشْوِيًّا مجسِّمًا، كما فعلت القَرامِطَة الحَاكِمِية
الباطِنِية وغَيرُهم.
وقالوا: إذا قُلتُم: إنَّه موجود عليٌّ حيٌّ قديرٌ، فهذا هو
القَولُ بالتَّجسيم والتَّشبيه والحَشْو؛ فإنَّ ذلك مُشابَهَة لغَيرِه من
المَخلُوقات، وأنَّه لا يُعقَل مَوجُود حيٌّ قدير إلاَّ جسمًا، ولأنَّ هَذِه
الأسماء تستلزم الصِّفات، تستلزِم التَّجسيم.
فإن كان الرَّجل ممَّن ينفي الأَسماءَ والصِّفات كما تَفعَلُه غُلاةُ الجَهمِيَّة والقَرامِطَة والفَلاسِفَة فلا بُدَّ أن يُثبِت أنه موجود، وحينئذٍ فتقول النفاة: أنت مجسِّم مشبِّه حَشْوِيٌّ؛ لأنه إذا كان موجودًا فقد شارَكَه غَيرُه في معنى الوجود وهو التَّشبيه؛ لأنه لا يُعقَل موجود إلاَّ جسمٌ أو قائم بجِسمٍ، حينئذٍ يحتاج إلى أن يقول: لا مَوجودٌ ولا معدومٌ ولا حيٌّ ولا ميتٌ، أو لا موجودٌ ولا لا موجودٌ، ولا حيٌّ ولا لا حيٌّ، فيلزم نفيُ النَّقيضَيْن، وذلك من أعظمِ الأمور الباطلة في بَديهَةِ العقل، مع أنه يلزم على قولهم تشبيهُه بالممتنعات؛ لأنَّ ما ليس بموجودٍ ولا معدومٍ