لا تكون له حقيقةٌ أصلاً لا موجودةٌ ولا معدومةٌ، بل هو أمرٌ
مقدَّرٌ في الأذهان لا يتحقَّق في الأعيان، وهذا مع التزامِه من الكُفرِ الصريح.
ولو قُدِّر أنه نفى الوجودَ الواجب القديم بالكلِّية، لكان من
الكفر الذي هو أصل كلِّ كفرٍ قد كابَر القضايا الضَّرورية؛ فإنَّا نشهَد
الموجوداتِ ونعلم أن كلَّ موجود إما قديم وإما مُحدَث، وإما واجبٌ موجودٌ بنَفسِه،
وإما مُمكِن بنَفسِه موجودٌ بغيره، وكلُّ مُحدَث ومُمكِن بنَفسِه موجود بغيره، فلا
بُدَّ من قديمٍ واجِدٍ بنَفسِه، فالوجود بالضرورة يستلزم إثباتَ موجودٍ قديم، ومن
الوجود ما هو مُمكِن مُحدَث كما نَشهَده في المُحدَثات من الحيوانات والنبات
فإذا عُلِم بالضرورة أنَّ الوجود فيه ما هو موجود قديم واجب
بنَفسِه، وفيه ما هو مُحدَث موجود مُمكِن بنَفسِه؛ فهذان الموجودان اتَّفَقَا في
مُسمَّى الوجود، وامتاز واحدٌ منهما عن الآخر بخُصوصِ وُجودِه، فمَن لم يُثبِت ما
بين الوُجودَيْن من الاتفاق وما بينهما من الافتراق، وإلاَّ لَزِمه أن تكون
الموجودات كلُّها قديمة واجبة بأَنفُسِها، أو مُحدَثة مُمكِنة مُفتَقِرة إلى
غَيرِها، وكلاهما معلوم الفساد بالاضطرار؛ فتعيَّن إثبات الاتِّفاق من وَجهٍ
والامتياز من وَجهٍ.
ونحن نعلم أنَّ ما امتاز به الخالق الموجود عن سائِرِ الموجودات أعظَمُ ممَّا تمتاز به سائِرُ الموجودات بعضِهَا عن بعضٍ، فإذا كان المَلَك والبَعوض قد اشتَرَكا في مُسمَّى الموجود والحيِّ مع تفاوُتِ ما بينهما؛ فالخالق سُبحانَه أولى بمُبايَنَتِه للمَخلُوقات، وإن حَصَلت المُوافَقَة في بعض الأسماء والصفات.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد