×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

 الوعيد نصيبٌ؛ كما قال تعالى: {ٱلۡأَخِلَّآءُ يَوۡمَئِذِۢ بَعۡضُهُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوٌّ إِلَّا ٱلۡمُتَّقِينَ[الزخرف: 67].

وقال تعالى: {إِذۡ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَ وَتَقَطَّعَتۡ بِهِمُ ٱلۡأَسۡبَابُ[البقرة: 166].

قال الفضيل بن عياض: «حدثنا اللَّيث عن مجاهد: هي المَوَدَّات التي كانت بينهم لغيرِ الله».

فإنَّ المُخالَّةَ تَحَابٌّ وتَوَادٌّ؛ ولهذا قال: «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ» ([1])؛ فإنَّ المُتَحابَّيْنِ يُحِبُّ أَحَدُهُما ما يُحِبُّ الآخَرُ بحَسَب الحُبِّ؛ فإذا اتَّبع أَحَدُهُما صاحِبَه على محبَّتِه ما يُبغِضه الله ورسوله نَقَص من دِينِهما بَحسِب ذلك، إلى أن ينتَهِيَ إلى الشِّرْكِ الأكبَرِ، قال تعالى: {وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادٗا يُحِبُّونَهُمۡ كَحُبِّ ٱللَّهِۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِۗ[البقرة: 165].

والذين قدَّموا محبَّة المال الذي كَنَزوة والمَخلُوق الذي اتَّبعوه على محبَّة الله ورسولِهِ كان فيهم من الظُّلْم والشِّرْك بحَسَب ذلك؛ فلهذا أَلْزَمَهم مَحبُوبَهُم، كما في الحديث: «يَقُولُ الله: أَلَيْسَ عَدْلاً مِنِّي أنْ أُوَلِّيَ كُلَّ رَجُلٍ مِنكُم ما كان يَتَوَلاَّهُ في الدُّنيا؟!» ([2]).

وقد ثبت في الصحيح: «يقول: لِيَذْهَبْ كلُّ قومٍ إلى ما كانوا يَعبُدون، فمَن كان يَعبُد الشَّمسَ الشَّمسَ، ومَن كان يَعبُد القَمَرَ القَمَرَ، ومَن كان يَعبُد الطَّواغِيتَ الطَّواغِيتَ، ويُمَثَّلُ للنَّصارَى المَسِيحُ ولليَهودِ


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (4833)، والترمذي رقم (2378)، وأحمد رقم (8028).

([2])أخرجه: الطبراني في «الأوسط» رقم (81) بلفظ: «أَلَيْسَ عَدْلاً مِنِّي أَنْ أُولِيَ كُلَّ قَوْمٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ؟»