×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

 عُزَيرٌ، فيَتْبَعُ كلُّ قومٍ ما كانوا يَعبُدون، وتَبقَى هَذِه الأُمَّةُ فيها مُنافِقُوها» ([1])؛ فهَؤُلاءِ أهلُ الشِّركِ الأكبَرِ.

وأمَّا عبيدُ المال الذين كَنَزوه، وعبيدُ الرِّجال الذين أَطاعُوهم في معاصي الله، فأُولَئِك يُعَذَّبون عذابًا دون عذابِ أُولَئِك المُشرِكِين، إمَّا في عَرَصاتِ القِيامَة، وإمَّا في جَهَنَّم، ومَن أحبَّ شيئًا دُونَ الله عُذِّبَ به.

ومعنى كلام الشيخ هنا: أنَّ مَن اشتَغَل في مَحَابِّ نَفْسِه عن طاعَةِ الله عذَّبَه الله بهذا الذي اشتَغَل به عن طاعة الله عُقوبةً له؛ كما قال تعالى: {قُلۡ إِن كَانَ ءَابَآؤُكُمۡ وَأَبۡنَآؤُكُمۡ[التوبة: 24] إلى قوله: {أَحَبَّ إِلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادٖ فِي سَبِيلِهِۦ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ[التوبة: 24].

وقال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ يَوۡمٞ لَّا بَيۡعٞ فِيهِ وَلَا خُلَّةٞ وَلَا شَفَٰعَةٞۗ وَٱلۡكَٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ[البقرة: 254].

فالكُفرُ المُطلَق هو الظُّلمُ المٌطلَق؛ ولهذا لا شَفِيعَ يومَ القيامة لأَهلِه كما نفى الشَّفاعَةَ في هَذِه الآية، وفي قوله: {وَأَنذِرۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡأٓزِفَةِ إِذِ ٱلۡقُلُوبُ لَدَى ٱلۡحَنَاجِرِ كَٰظِمِينَۚ مَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ حَمِيمٖ وَلَا شَفِيعٖ يُطَاعُ ١٨{يَعۡلَمُ خَآئِنَةَ ٱلۡأَعۡيُنِ وَمَا تُخۡفِي ٱلصُّدُورُ ١٩[غافر: 18- 19].

وقال: {فَكُبۡكِبُواْ فِيهَا هُمۡ وَٱلۡغَاوُۥنَ ٩٤وَجُنُودُ إِبۡلِيسَ أَجۡمَعُونَ ٩٥قَالُواْ وَهُمۡ فِيهَا يَخۡتَصِمُونَ ٩٦تَٱللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ ٩٧إِذۡ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٩٨وَمَآ أَضَلَّنَآ إِلَّا ٱلۡمُجۡرِمُونَ ٩٩فَمَا لَنَا مِن شَٰفِعِينَ ١٠٠وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٖ ١٠١فَلَوۡ أَنَّ لَنَا كَرَّةٗ فَنَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ١٠٢[الشعراء: 94- 102]، وقوله: {نُسَوِّيكُم }


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (7000)، ومسلم رقم (182).