[الشعراء: 98]، لم
يُرِيدُوا أنَّهم جَعَلوهم مُساوِينَ لله من كلِّ وجهٍ، فإنَّ هذا لم يَقُلْهُ
أحدٌ من بني آدم، ولا نُقِل عن قومٍ قَطُّ من الكفَّار: أنَّهم قالوا: هذا
العالَمُ له خالِقَان مُتَماثِلاَن.
حتَّى المجوسُ القائِلِين بالأَصلَيْن: النُّورِ والظُّلمَةِ
مُتَّفِقون على أنَّ النُّور خيرٌ يستحِقُّ أن يُعبَد ويُحمَد، وأنَّ الظُّلمَة
شِرِّيرَةٌ تستحِقُّ أن تُذَمَّ وتُلْعَنَ، واختَلَفوا هل الظُّلمَة مُحدَثَة أو
قَدِيمة؟ على قولين؛ وبكلِّ حالٍ لم يَجعَلوها مِثْلَ النُّور من كلِّ وجهٍ.
وكَذلِكَ مُشرِكُو العَرَب كانوا مُتَّفِقِين على أنَّ
أَربابَهُم لم تُشَارِكِ اللهَ في خَلْقِ السَّمواتِ والأرضِ، بل كانوا مُقِرِّين
بأنَّ الله وَحْدَه خَلَق السَّمواتِ والأرضَ وما بينهما، كما أخبَرَ الله عنهم في
غير آية؛ كقوله تعالى: {وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ
وَٱلۡأَرۡضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ فَأَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ
٦١ٱللَّهُ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ وَيَقۡدِرُ لَهُۥٓۚ
إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ ٦٢وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ
مَآءٗ فَأَحۡيَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ مِنۢ بَعۡدِ مَوۡتِهَا لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ
قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ ٦٣﴾[العنكبوت: 61-
63].
وذَكَر الشَّيخ رحمه الله آياتٍ كثيرةً في هذا المعنى، ثم قال:
وكانوا مُعتَرِفين بأنَّ آلِهَتَهُم لم تُشارِكِ اللهَ في خَلْق السَّمواتِ
والأرضِ ولا خَلْقِ شيءٍ، بل كانوا يَتَّخِذونَهُم شُفَعَاء ووَسَائِطَ؛ كما قال
تعالى: {وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ
وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ﴾[يونس: 18].
وقال عن صاحب يس: {وَمَا لِيَ لَآ أَعۡبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ ٢٢ءَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةً إِن يُرِدۡنِ ٱلرَّحۡمَٰنُ بِضُرّٖ لَّا تُغۡنِ عَنِّي شَفَٰعَتُهُمۡ شَيۡٔٗا وَلَا يُنقِذُونِ ٢٣﴾[يس: 22- 23].