أَمَّا إِذَا كَان
المنتَقَد مِن أَهْل الضَّلاَل، وَمِن أَهْل الاِنْحِرَاف، وَمِن أَهْل
الْمَبَادِئ الهدّامة أَو المشبوهة؛ فَهَذَا لاَ يَجُوز لَنَا أن نَذْكُر حَسَنَاتِه
- إن كَان لَه حَسَنَات -؛ لأَِنَّنَا إِذَا ذكرناها فَإِن هَذَا يُغَرِّر
بِالنَّاس؛ فيحسنون الظَّنّ بِهَذَا الضَّالّ، أَو هَذَا الْمُبْتَدِع، أَو هَذَا
الخرافي، أَو ذَاك الحزبي؛ فَيَقْبَلُون أَفْكَار هَذَا الضَّالَّ، أَو هَذَا
الْمُبْتَدِع، أَو ذَاك المتحزب.
وَاَللَّه جل وعلا رَدَّ عَلَى الْكَفَرَة، والمجرمين، والمنافقين، وَلَمْ
يَذْكُر شيئًا مِن حَسَنَاتِهِم، وكذلك أَئِمَّة السَّلَف يَرُدُّون عَلَى
الْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَة وَعَلَى أَهْل الضَّلاَل، ولا يَذْكُرُون شيئًا
مِن حَسَنَاتِهِم؛ لأَنّ حَسَنَاتِهِم مَرْجُوحَة بِالضَّلاَل، أَو الْكُفْر، أَو
الإِْلْحَاد، أَو النِّفَاق.
فَلا يُنَاسِب أَنَّك تَرُدُّ عَلَى ضَالّ، مُبْتَدِع، مُنْحَرِف،
وَتَذْكُرُ حَسَنَاتِه، وَتَقُول: هُو رَجُل طَيِّب، عِنْدَه حَسَنَات، وَعِنْده
كَذَا، لَكِنَّه غَلِط!
نَقُول لَك: ثَنَاؤُك عَلَيْه أَشَدّ مِن ضَلاَلِه، لأَنّ النَّاس يَثِقُون
بثنائك عَلَيْه؛ فَإِذَا رَوَّجت لِهَذَا الضَّالّ الْمُبْتَدِع وَمَدَحْته فَقَد
غرَّرت بِالنَّاس، وَهَذَا فَتْح بَاب لِقَبُول أَفْكَار المضللين.
وَأَمَّا إِذَا كَان الْمَرْدُود عَلَيْه مِن أَهْل السُّنَّة وَالْجَمَاعَة
فَإِن الرَّدَّ يَكُون بِأَدَب، وينبَّه عَلَى أَغْلاَطِه الَّتِي تَكُون فِي
مَسَائِل الْفِقْه وَمَسَائِل الاِسْتِنْبَاط وَالاِجْتِهَاد؛ فَنَقُول: فُلاَن
أَخْطَأ فِي كَذَا وَالصَّوَاب كَذَا بِالدَّلِيل -غَفَر اللَّه لَه -، وَهَذَا اجْتِهَادِه،
وهكذا، كَمَا كَانَت الرُّدُود بَيْن الْفُقَهَاء مِن الْمَذَاهِب الأَْرْبَعَة
وَغَيْرهم.
وَهَذَا لاَ يَقْدَح فِي مَكَانَتِه الْعِلْمِيَّة إِذَا كَان مِن أَهْل
السُّنَّة وَالْجَمَاعَة.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد