هَؤُلاَء، وَأُنْزِل
قَوْلُه: ﴿وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ
مَسۡجِدٗا ضِرَارٗا وَكُفۡرٗا وَتَفۡرِيقَۢا بَيۡنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَإِرۡصَادٗا لِّمَنۡ
حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ مِن قَبۡلُۚ وَلَيَحۡلِفُنَّ إِنۡ أَرَدۡنَآ إِلَّا
ٱلۡحُسۡنَىٰۖ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ ١٠٧لَا تَقُمۡ فِيهِ أَبَدٗاۚ
لَّمَسۡجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقۡوَىٰ مِنۡ أَوَّلِ يَوۡمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِۚ
فِيهِ رِجَالٞ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْۚ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُطَّهِّرِينَ
١٠٨﴾ [التوبة: 107-108].
يَتَبَيَّن لَنَا مِن هَذِه الْقِصَّة الْعَظِيمَة أنَّ مَا كُلُّ مَن
تَظَاهَر بِالْخَيْر وَالْعَمَل الصَّالِح يَكُون صادقًا فِيْمَا يَفْعَل،
فَرُبَّمَا يَقْصِد مِن وَرَاء ذَلِك أمورًا بِعَكْس مَا يَظْهَر.
فَاَلَّذِين يَنْتَسِبُون إِلَى الدَّعْوَة الْيَوْم فِيهِم مُضَلِّلُون
يُرِيدُون الاِنْحِرَاف بِالشَّبَاب، وَصَرْف النَّاس عَن الدِّين الْحَقّ،
وَتَفْرِيق جَمَاعَة الْمُسْلِمِين، وَالإِْيقَاع فِي الْفِتْنَة، وَاَللَّه
سبحانه وتعالى حَذَّرَنَا مِن هَؤُلاَء فَقَال: ﴿لَوۡ
خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمۡ إِلَّا خَبَالٗا وَلَأَوۡضَعُواْ خِلَٰلَكُمۡ
يَبۡغُونَكُمُ ٱلۡفِتۡنَةَ وَفِيكُمۡ سَمَّٰعُونَ لَهُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّٰلِمِينَ﴾ [التوبة: 47].
فَلَيْس الْعِبْرَة بِالاِنْتِسَاب أَو فِيْمَا يَظْهَر، بَل الْعِبْرَة
بِالْحَقَائِق وبعواقب الأُْمُور، وَالأَْشْخَاص الَّذِين يَنْتَسِبُون إِلَى
الدَّعْوَة يَجِب أن يُنْظَر فِيهِم أَيْن دَرَسُوا، وَمِنْ أَيْن أَخَذُوا
الْعِلْم، وَأَيْنَ نَشَئُوا، وما هِي عَقِيدَتُهُم، قَال تَعَالَى: ﴿أَمۡ لَمۡ يَعۡرِفُواْ
رَسُولَهُمۡ فَهُمۡ لَهُۥ مُنكِرُونَ﴾ [المؤمنون: 69].
وَيَجِب أن تُنْظَرَ أَعْمَالُهُم وَآثَارُهُم فِي النَّاس، وماذا
أَنْتَجُوا مِن الْخَيْر، وماذا تَرَتَّب عَلَى أَعْمَالِهِم مِن الإِْصْلاَح.
فَيَجِب أن تُدْرَسَ أَحْوَالُهُم قَبْل أن يُغْتَرَّ بِأَقْوَالِهِم ومَظَاهِرِهِم، هَذَا أَمْر لابد مِنْه، خُصُوصًا فِي هَذَا الزَّمَان الَّذِي كَثُر فِيْه دُعَاة الْفِتْنَة.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد