وَقَد وَصَفَ النَّبِيُّ
صلى الله عليه وسلم دُعَاة الْفِتْنَة بِأَنَّهُم قَوْم مِن بَنِي جِلْدَتِنَا
وَيَتَكَلَّمُون بِأَلْسِنَتِنَا، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا سُئِل
عَن الْفِتَن قَال: «دُعَاةٌ عَلَى
أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ أَلْقَوْهُ فِيهَا» ([1]).
سَمَّاهُم دُعَاة! فَعَلَيْنَا أَنْ نَنْتَبِهَ لِهَذَا، ولا نَحْشُد فِي
الدَّعْوَة كُلَّ مَن هَبَّ وَدَبَّ، وَكُل مَن قَال أَنَا أَدْعُو إِلَى اللَّه،
وَهَذِه جَمَاعَة تَدْعُو إِلَى اللَّه، لاَبُدَّ مِن النَّظَر فِي وَاقِع
الأَمْر، ولابد مِن النَّظَر فِي وَاقِع الأَْفْرَاد وَالْجَمَاعَات؛ فَإِن اللَّه
سبحانه وتعالى قَيَّدَ الدَّعْوَة بِأَنْ تَكُون دَعْوَة إِلَى اللَّه وإلى سَبِيل
اللَّه؛ قَال تَعَالَى: ﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ
سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ﴾ [يوسف: 108]؛ دَلّ ذَلِك
عَلَى أن هُنَاك أناسًا يَدْعُون إِلَى غَيْر اللَّه.
وَاَللَّه تَعَالَى أَخْبَر أن الْكُفَّار يَدْعُون إِلَى النَّار فَقَال: ﴿وَلَا تَنكِحُواْ ٱلۡمُشۡرِكَٰتِ
حَتَّىٰ يُؤۡمِنَّۚ وَلَأَمَةٞ مُّؤۡمِنَةٌ خَيۡرٞ مِّن مُّشۡرِكَةٖ وَلَوۡ
أَعۡجَبَتۡكُمۡۗ وَلَا تُنكِحُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤۡمِنُواْۚ وَلَعَبۡدٞ
مُّؤۡمِنٌ خَيۡرٞ مِّن مُّشۡرِكٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَكُمۡۗ أُوْلَٰٓئِكَ يَدۡعُونَ
إِلَى ٱلنَّارِۖ وَٱللَّهُ يَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ وَٱلۡمَغۡفِرَةِ
بِإِذۡنِهِۦۖ﴾ [البقرة: 221]؛ فالدُّعَاةُ يَجِب أن يُنْظَر فِي
أَمْرِهِم.
قَال شَيْخ الإسلام مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ رحمه الله تَعَالَى عَن هَذِه الآْيَة: ﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ﴾ [يوسف: 108]: «فِيْه الإِْخْلاَص؛ فَإِن كثيرًا مِن النَّاس إِنَّمَا يَدْعُوإِلَى نَفْسه، ولا يَدْعُو إِلَى اللَّه عز وجل ».
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3411)، ومسلم رقم (1847).
الصفحة 4 / 144
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد