واليهودِ وإبْطَالُ مذهَبِهِم والحَالَةُ هذه؟ وما الدليلُ
القَاطِعُ علَى تَحقيقِ حَقِّ المُسلِمينَ وإبْطَالِ الكَافِرِينَ؟
فَأَجَابَ عَن ذلك رحمه الله بِقَولِه: الحَمدُ للهِ، هذا
القَائِلُ كَاذِبٌ ضَالٌّ فِي هذا القولِ، وذلك أَنَّ التقليدَ المَذمُومَ هو قَبُولُ
قَولِ الغَيرِ بِغَيرِ حُجَّةٍ، كالذينَ ذَكَر اللهُ عَنهُم أنَّهم: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ
نَتَّبِعُ مَآ أَلۡفَيۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ﴾[البقرة: 170]،
قال تعالى: {أَوَلَوۡ كَانَ ءَابَآؤُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ شَيۡٔٗا وَلَايَهۡتَدُونَ﴾[البقرة: 170]، قال تعالى: {إِنَّهُمۡ أَلۡفَوۡاْ ءَابَآءَهُمۡ
ضَآلِّينَ ٦٩ فَهُمۡ عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِمۡ
يُهۡرَعُونَ ٧٠﴾[الصافات: 69-
70]، ونَظَائِرُ هَذا فِي القُرْآنِ كَثيرٌ؛ فَمَنِ اتَّبَعَ دِينَ آبَائِهِ وأَسْلاَفهِ
لأجلِ العَادَةِ التي تَعَوَّدَها، وتَركِ اتِّبَاعِ الحَقِّ الذي يَجِبُ اتِّبَاعُه
فَهَذَا هُو المُقَلِّدُ المَذْمُومُ، وهذهِ حَالُ اليَهُودِ والنَّصَارَى بَل أَهلِ
البدِعِ والأهَواءِ فِي هذه الأُمَّةِ الذين اتَّبَعُوا شُيوخَهُم ورُؤَسَاءَهم
فِي غيرِ الحَقِّ، كَمَا قالَ تعالى: {يَوۡمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمۡ فِي ٱلنَّارِ
يَقُولُونَ يَٰلَيۡتَنَآ أَطَعۡنَا ٱللَّهَ وَأَطَعۡنَا ٱلرَّسُولَا۠ ٦٦ وَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ
أَطَعۡنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلَا۠ ٦٧ رَبَّنَآ ءَاتِهِمۡ ضِعۡفَيۡنِ مِنَ
ٱلۡعَذَابِ وَٱلۡعَنۡهُمۡ لَعۡنٗا كَبِيرٗا ٦٨﴾[الأحزاب: 66- 68]، وقال تعالى: {وَيَوۡمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ
يَدَيۡهِ يَقُولُ يَٰلَيۡتَنِي ٱتَّخَذۡتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلٗا ٢٧ يَٰوَيۡلَتَىٰ لَيۡتَنِي لَمۡ
أَتَّخِذۡ فُلَانًا خَلِيلٗا ٢٨﴾[الفرقان: 27- 28] إلى قوله: {وَكَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ لِلۡإِنسَٰنِ
خَذُولٗا﴾[الفرقان: 29]؛ فمن أطاع مخلوقًا في معصية الله كان له
نصيب من هذا الذم والعقاب، والمطيع للمخلوق في معصية الله ورسوله إما أن يتبع الظن
وإما يتبع ما يهواه وكثير يتبعهما، وهذه حال كل من عصى الله ورسوله من المشركين
وأهل الكتاب من اليهود والنصارى ومن أهل البدع والفجور من هذه الأمة؛ كما قال
تعالى: {إِنۡ هِيَ إِلَّآ أَسۡمَآءٞ سَمَّيۡتُمُوهَآ أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُم مَّآ
أَنزَلَ