{يَٰبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ﴾[البقرة: 40]، ما لا يُحْصَى إلاَّ بكُلْفَةٍ، وقال تعالى: {لَمۡ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ
مُنفَكِّينَ﴾ [البينة: 1]
الآية، إلى قولِه: {خَيۡرُ ٱلۡبَرِيَّةِ﴾[البينة: 7]، ومثلُ هذا فِي القُرآنِ كَثِيرٌ جِدًّا، وقد قال
تعالى: {قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُمۡ جَمِيعًا ٱلَّذِي
لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ﴾[الأعراف: 158]، وقال تعالى: {وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا
كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ﴾[سبأ: 28]، واستَفَاضَ عنه صلى الله عليه وسلم «فُضِّلْتُ عَلَى الأَْنْبِيَاءِ بِخَمْسٍ»
([1])، وذَكَر فِيها أنه قال: «كَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى
النَّاسِ عَامَّةً» ([2])، بل تَواتَرَ عنه صلى الله عليه وسلم أنه بُعِثَ إلى
الجِنِّ والإنسِ.
فإذَا عَلِمَ بالاضْطِرَارِ بالنَّقلِ المُتَواترِ الذي تَواتَرَ كَمَا تَواتَرَ ظُهُورُ دَعْوَتِه أنه دَعَا أهلَ الكِتَابِ إلى الإيمَانِ بِه، وأنه حَكَمَ بِكُفْرِ مَن لَم يُؤْمِنْ بِه مِنهُم، وأنه أَمَر بِقِتَالِهِم حتَّى يُسَلِّمُوا أو يُعْطُوا الجِزيَةَ عَن يَدٍ وهُم صَاغِرُونَ، وأنه قَاتَلَهُم بِنَفْسِه وبِسَرَايَاهُ، وأنه ضَرَبَ الجِزيةَ عليهِم وقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُم وسَبَى ذَرَارِيهِم وغَنَمَ أمْوَالَهُم، فَحَاصَرَ بَنِي قَيْنُقَاعٍ ثُمَّ أجْلاهُم إلى أذرعاتَ وحَاصَرَ بَنِي قُريظةَ لمَّا نَقَضُوا العَهْدَ وقَتَل رِجَالَهُم وسَبَى حَرِيمَهُم وأَخَذَ أَمْوالَهُم وقد ذَكَرَه اللهُ فِي سُورةِ الأَحْزَابِ، وقَاتَلَ أهلَ خَيْبَرَ حتَّى فتَحَها وقَتَلَ مَن قَتَلَ مِن رِجَالِهم وسَبَى مَن سَبَى مِن حَرِيمِهِم وقَسَمَ أرْضَهُم بَينَ المُؤمِنينَ، وقد ذَكَرَها اللهُ تَعَالى فِي سُورَةِ الفَتْحِ، وضَرَبَ الجِزيَةَ عَلَى النَّصَارَى وفِيهِم أنزلَ سُورةَ آلِ عِمرانَ، وغَزَا النَّصَارَى عامَ تَبوكٍ وفيها أَنْزَل ُاللهُ سورةَ بَرَاءةٌ، وفِي عامَّةِ السُّورِ المَدَنِيَّةِ مِن دَعْوَةِ أهلِ الكِتَابِ وخِطَابِهم ما لا تَتَّسِعُ هذه الفَتْوَى لعُشْره
([1])أخرجه: البخاري رقم (335) ومسلم رقم (523).