×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

 تَوحِيدِ اللهِ وصفاتِهِ وأَسْمَائِهِ ومَلائِكَتِه وعَرشِهِ وكُرْسِيِّهِ وأَنْبِيَائِه ورُسُلِهِ وأَخْبَارُهُم وأخبارُ مُكَذِّبِيهِم بِنَظِيرِ مَا يُوجَدُ فِي كُتُبِ الأَنْبِيَاءِ مِنَ التَّورَاةِ وغَيرِها؛ فمَن تَدَبَّر التورَاةَ والقُرآنَ عَلمَ أنَّهُما جَميعًا يَخْرُجَانِ مِن مِشكَاةٍ واحِدَةٍ كما ذكَر النَّجَاشِيُّ، وكَمَا قال وَرَقَةُ بنُ نَوفلٍ: هذا هُو النَّامُوسُ الذي كان يَأتِي مُوسَى، ولِهَذا قَرَنَ اللهُ تعالى بينَ التوراةِ والقُرآنِ فِي مثلِ هَذا فِي قولِه: {لَوۡلَآ أُوتِيَ مِثۡلَ مَآ أُوتِيَ مُوسَىٰٓۚ أَوَ لَمۡ يَكۡفُرُواْ بِمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبۡلُۖ[القصص: 48] إلى قَولِه: {إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ[القصص: 49] وقالتِ الجِنُّ: {إِنَّا سَمِعۡنَا كِتَٰبًا أُنزِلَ مِنۢ بَعۡدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ[الأحقاف: 30] الآية، وقال: {أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّهِۦ وَيَتۡلُوهُ شَاهِدٞ مِّنۡهُ وَمِن قَبۡلِهِۦ كِتَٰبُ مُوسَىٰٓ إِمَامٗا وَرَحۡمَةًۚ[هود: 17] وقال: {وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦٓ إِذۡ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٖ مِّن شَيۡءٖۗ قُلۡ مَنۡ أَنزَلَ ٱلۡكِتَٰبَ ٱلَّذِي جَآءَ بِهِۦ مُوسَىٰ نُورٗا وَهُدٗى لِّلنَّاسِۖ[الأنعام: 91] إلى قولِهِ: {وَهَٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ مُبَارَكٞ مُّصَدِّقُ ٱلَّذِي بَيۡنَ يَدَيۡهِ[الأنعام: 92]، فَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ كُلُّ مَن عَلِم ما جَاءَ بِه مُوسَى والنَّبيُّونَ قَبْلَهُ وبَعْدَهُ وما جَاء به مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم عَلِمَ عِلمًا يَقِينًا أنهم كلُّهم مُخْبِرُونَ عِندَ اللهِ صَادِقُونَ فِي الأخْبَارِ، وأنَّه يَمْتَنِعُ -والعياذ بالله- خلافَ الصِّدقِ مِن خَطأٍ وَكَذِبٍ.

ومِنَ الطُّرُقِ الوَاضِحَةِ القَاطِعَةِ المَعْلُومَةِ إلى قِيامِ السَّاعةِ بِالتَّوَاتُرِ مِن أَحْوالِ أتباعِ الأَنْبِياءِ وأَحْوالِ مَن كَذَّبَهُم وكفَر بِهم: حالُ نُوحٍ وقَومِهِ، وهودَ وقومِهِ، وصَالِحٍ وقومِه، وحَالُ إبراهِيمَ وقَومِهِ، وحَالُ مُوسَى وفِرعونَ، وحَالُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وقَومِهِ، وهَذِهِ الطَّريقُ قد بَيَّنَها اللهُ فِي غَيرِ مَوضِعٍ مِن كِتَابِه كَقَولِه: {كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۖ[غافر: 5] إلى قَولِهِ: {فَكَيۡفَ كَانَ عِقَابِ[غافر: 5]، وقال: {وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدۡ كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ


الشرح