والنصَارَى كَأصْحَابِ رَسَائلِ إخوَانِ الصَّفَا، وأمثالِهِم
مِمَّن زعَم أنَّ المَلائِكَةَ هِي العُقُولُ والنفوسُ وأنه لا يُمكِنُ مَوتُها
بِحَالٍ، بل هِيَ عندَهُم آلهةٌ وأَرْبَابٌ لِهَذا العَالَمِ، والقُرآنُ وسَائِرُ
الكُتُبِ تَنْطِقُ بأنَّ المَلائِكَةَ عَبيدٌ مُدَبَّرُونَ؛ كَمَا قَال
سُبحَانَهُ: {لَّن يَسۡتَنكِفَ ٱلۡمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبۡدٗا لِّلَّهِ وَلَا ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ
ٱلۡمُقَرَّبُونَۚ وَمَن يَسۡتَنكِفۡ عَنۡ عِبَادَتِهِۦ وَيَسۡتَكۡبِرۡ
فَسَيَحۡشُرُهُمۡ إِلَيۡهِ جَمِيعٗا﴾[النساء: 172]، وقال تعالى:
{وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَلَدٗاۗ سُبۡحَٰنَهُۥۚ بَلۡ عِبَادٞ مُّكۡرَمُونَ
٢٦لَا يَسۡبِقُونَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ وَهُم بِأَمۡرِهِۦ يَعۡمَلُونَ ٢٧يَعۡلَمُ مَا
بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَلَا يَشۡفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ٱرۡتَضَىٰ
وَهُم مِّنۡ خَشۡيَتِهِۦ مُشۡفِقُونَ ٢٨﴾[الأنبياء: 26- 28].
وقال: {وَكَم مِّن مَّلَكٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ لَا تُغۡنِي شَفَٰعَتُهُمۡ شَيًۡٔا إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ أَن يَأۡذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرۡضَىٰٓ﴾[النجم: 26] واللهُ سُبْحَانَه قَادِرٌ على أَنْ يُمِيتَهُم ثُم يُحْيِيِهِم، كَمَا هُو قَادِرٌ على إِمَاتَةِ البَشَرِ والجِنِّ ثُمَّ إحيَائِهِم، وقد قالَ سُبحانَهُ: {وَهُوَ ٱلَّذِي يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ وَهُوَ أَهۡوَنُ عَلَيۡهِۚ﴾[الروم: 27]، وقد ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحيحِ عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مِن غَيرِ وَجهٍ وعَنْ غَيرِ واحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أنه قَالَ: «إن اللهَ إِذَا تَكَلَّمَ بِالْوَحْيِ أَخَذَ الْمَلاَئِكَةَ مِثْلُ الْغَشْيِ» ([1])، وفِي رِوايةٍ: «إِذَا سَمِعَتِ الْمَلاَئِكَةُ كَلاَمَهُ صُعِقُوا»، وفِي رواية: «سَمِعَتِ الْمَلائِكَةُ كَجَرِّ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفْوَانِ فَيُصْعَقُونَ فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ أَي: أُزِيلَ الفَزَعُ عَن قُلُوبِهِم قَالُوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُم؟ قَالُوا: الْحَقَّ، فَيُنَادُونَ: الحَقَّ، الْحَقَّ» ([2])، فقد أخبَرَ فِي هذهِ الأَحَادِيثِ الصحيحةِ أنهم يُصْعَقُونَ صعقَ الغَشْي، فإذَا جَازَ عَليهِم
([1])أخرجه: البخاري رقم (4800)، ومسلم رقم (2229).