×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

 «وَيُقَالُ لِقَارِئِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْقَ ([1])، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا؛ فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا».

ويتنعمون بمخاطبتهم لربهم ومناجاته، وإن كانت هذه الأمور في الدنيا أعمالاً يترتب عليها الثواب فهي في الآخرة أعمالاً يتنعم بها صاحبها أعظم من أكله وشربه ونكاحه، وهذه كلها أعمال أيضًا، والأكل والشرب والنكاح في الدنيا مما يُؤمر به ويُثاب عليه مع النية الصالحة، وهو في الآخرة نَفْسُ الثواب الذي يتنعم به، والله أعلم.

وسُئل رحمه الله عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم هل يعلم وقت الساعة؟

فأجاب: أما الحديث المسئول عنه كونه صلى الله عليه وسلم يعلم وقت الساعة؛ فلا أصل له، ليس عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم من تحديد وقت الساعة نَصٌّ أصلاً، بل قد قال الله تعالى: {يَسۡ‍َٔلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرۡسَىٰهَاۖ قُلۡ إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ رَبِّيۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقۡتِهَآ إِلَّا هُوَۚ ثَقُلَتۡ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ[الأعراف: 187] أي: خَفِيَ على أهل السموات والأرض، وقال تعالى لموسى: {إِنَّ ٱلسَّاعَةَ ءَاتِيَةٌ أَكَادُ أُخۡفِيهَا[طه: 15] قال ابن عباس وغيره ([2]): أكاد أخفيها من نفسي فكيف أُطْلِعُ عليها؟! وفي «الصَّحيِحين» من حديث أبي هريرة، وهو في ««صحيح مسلم» من حديث عمرو: أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم «قيل له: مَتَى السَّاعَةُ؟ قال: ما الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ» ([3]) فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه ليس بأعلم بها من السائل، وكان السائل في صورة أعرابي ولم يعلم أنه جبريل إلاَّ بعد أن ذهب، وحين أجابه لم يكن يظنه إلاَّ أعرابيًّا، فإذا كان


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (1464)، والترمذي رقم (2914)، والنسائي رقم (8056).

([2])انظر: «تفسير ابن كثير» (3/ 145)، والطبري (16/ 149، 150).

([3])أخرجه: البخاري رقم (50)، ومسلم رقم (9، 10).