والنصارى، وإنما هو من أقوال الفلاسفة والملاحدة الذين يجعلون
الملائكة قُوَى النَّفْس الصالحة، والشياطين قُوَى النَّفْس الخبيثة، ويجعلون سجود
الملائكة طاعة القُوَى للعَقْل، وامتناع الشياطين عصيان القُوَى الخبيثة للعَقْل،
ونحو ذلك من المقالات التي يقولها أصحاب «رسائل إخوان الصفا» وأمثالهم من القرامطة
من الباطنية ومن سلك سبيلهم من ضلال المتكلِّمة والمتعبِّدة، وقد يوجد نحوُ هذه الأقوال
في أقوال المفسرين التي لا إسناد لها يُعتمد عليه.
أقول: صدق شيخ الإسلام؛ فقد وُجد هذا القولُ الباطل في «تفسير
المنار» للشيخ رَشِيد نقلاً عن محمد عبده نقلاً عن كتاب «الإحياء» للغزالي.
قال الشيخ: ومذهب المسلمين واليهود والنصارى ما أخبر الله به في
القرآن، ولم يكن في المأمورين بالسجود أحدٌ من الشياطين، لكنْ أبوهم إبليسُ هو كان
مأمورًا فامتنع وعصى، وجعله بعض الناس من الملائكة لدخوله في الأمر بالسجود،
وبعضهم جعله من الجن؛ لأن له قَبِيلاً وذرية، ولكونه خُلق من نار، والملائكة
خُلقوا من نور.
والتحقيق: أنه كان منهم باعتبار صورته وليس منهم باعتبار أصله
ولا باعتبار مثاله، ولم يخرج من السجود لآدم أحد من الملائكة؛ لأن الله أمر
الملائكة بالسجود له إكرامًا له، ولهذا قال إبليس: {أَرَءَيۡتَكَ هَٰذَا ٱلَّذِي
كَرَّمۡتَ عَلَيَّ﴾[الإسراء: 62]؛ فدل على أن آدم كُرِّم على من سجد له.
ثم بيَّن الشيخ رحمه الله نوع الجنة التي أُسْكِنَها آدم، فقال: والجنة التي أُسْكِنَها آدم وزوجته عند سَلَف الأمة وأهل السُّنة والجماعة هي جنة الخُلْد، ومن قال: إنها جنة في الأرض بأرض الهند أو بأرض جِدَّة