×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

قد وسع السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما، فإذا كان لا يؤوده خلقه، ورزقه على هذه التفاصيل، فكيف يؤوده العلم بذلك أو سمع كلامهم، أو رؤية أفعالهم أو إجابة دعائهم؟ سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا.

ويرُدُّ على مَن يَنفي ذلك من نُفاةِ الصفاتِ فيقول: {وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ وَٱلۡأَرۡضُ جَمِيعٗا قَبۡضَتُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطۡوِيَّٰتُۢ بِيَمِينِهِۦۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ[الزمر: 67]، وهذه الآية مما تبين خطأ هؤلاء، فإنه سبحانه وتعالى قال: {وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦٓ[الأنعام: 91] الآية، وقد ثبتَ في «الصحيحين» من حديثِ أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يَقْبِضُ اللهُ الأَْرْضَ، وَيَطْوِي السَّمَاوَاتِ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ مُلُوكُ الأَْرْضِ؟» ([1])، وفي حديثِ ابنِ عُمرَ رضي الله عنهما أبلغُ من ذلك، والسياقُ لمسلم ([2])عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يَطْوِي اللهُ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟ ثُمَّ يَطْوِي الأَْرَضِينَ، ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ.؟» ([3]).

وذكر رحمه الله أحاديثَ في هذا المعنى ثم قال: فإذا كان سبحانه يَطوِي السَّماواتِ كلَّها بيمينِه وهذا قدرها عنده كما قال ابنُ عباس - رضي اللهُ تعالى عنهما -: ما السماواتُ السبعُ والأرضونَ السبعُ وما فيهن


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (6519)، ومسلم رقم (2787).

([2])أخرجه: البخاري رقم (7412)، ومسلم رقم (2788).

([3])أخرجه: مسلم رقم (2788).