×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

وقال رجلٌ لابنِ عباسٍ رضي الله عنه كيفَ يحاسِبُ اللهُ العبادَ في ساعةٍ واحدة؟ قال: كما يرزقُهم في ساعةٍ واحدة! وكذلك ما ثبت في «صحيح مسلم ([1]) عن أبي هريرةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «يَقُولُ اللهُ: قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، يَقُومُ الْعَبْدُ فَيَقُولُ: {ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ[الفَاتِحَة: 2]، يَقُولُ اللهُ تبارك وتعالى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَيَقُولُ الْعَبْدُ: {ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ[الفَاتِحَة: 3]، يَقُولُ اللهُ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَيَقُولُ الْعَبْدُ: {مَٰلِكِ يَوۡمِ ٱلدِّينِ[الفَاتِحَة: 4]، يَقُولُ اللهُ: مَجَّدَنِي عَبْدِي، قَالَ: وَهَذِهِ الآْيَةُ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، يَقُولُ الْعَبْدُ: {إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ }[ [الفَاتِحَة: 5] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، فَهَؤُلاَءِ لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ» ([2])، فهذا يقولُه سبحانه وتعالى لكلِّ مصلٍّ قرأَ الفاتحة، فلو صلىَّ الرجلُ ما صلَّى من الركعاتِ قيل له ذلك، وفي تلك الساعةِ يُصلِّي من يقرأُ الفاتحةَ مَن لا يُحصِى عددَه إلاَّ الله، وكلُّ واحدٍ منهم يقولُ اللهُ له كما يقولُ لهذا؛ كما يحاسِبُهم كذلك، فيقولُ لكلِّ واحدٍ ما يقولُ له من القولِ ساعةٌ واحدة، وكذلك سمعه لكلامِهم، يسمعُ كلامَهم كلَّه مع اختلافِ لغاتِهم وتفنُّنِ حاجاتِهم، يسمع دعاءَهم سمع إجابة، ويسمعُ كلَّ ما يقولونه سمعَ علمٍ وإحَاطة، لا يشغلُه سمْعٌ عن سمع، ولا تغلطه المسائل ولا يتبرَّمُ بإلحاحِ المُلِحِّين، فإنَّه سبحانه هو الذي خلقَ هذا كلَّه، وهو الذي يرزقُ هذا كلَّه، وهو الذي يوصل الغذاء إلى كل جزء من البدن على مقداره وصفته المناسبة له، وكذلك من الزرع، وكرسيه


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (395).

([2])أخرجه: مسلم رقم (395).