×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

فإنَّ معرفةَ مُرادِ الرسولِ ومرادِ الصحابةِ هو أصلُ العلم، وينبوعُ الهُدى، وإلا فكثيرٌ مِمَّن يذكُرُ مذهبَ السلفِ ويَحكيه لا يكونُ له خبرةٌ بشيءٍ من هذا الباب، كما يَظنون أنَّ مذهبَ السلفِ في آياتِ الصفاتِ وأحاديثِها أنه لا يَفهمُ أحدٌ معانيها، لا الرسولُ ولا غيرُه، ويظنون أنَّ هذا معنى قوله: {وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ[آل عمران: 7]، مع نصرهم للوقفِ على ذلك، فيجعلون مضمونَ مذهبِ السلفِ أنَّ الرسولَ بلغ قرآنًا لا يفهمُ معناه، بل تكلَّمَ بأحاديثِ الصِّفاتِ وهو لا يفهمُ معناها، وأنَّ جبريلَ كذلك، وأنَّ الصحابةَ والتابعين كذلك، وهذا ضلالٌ عظيم، وهو أحدُ أنواعِ الضلالِ في كلامِ اللهِ ورسولِه صلى الله عليه وسلم ظنُّ أهل التحريف، والتبديلِ وظنُّ أهلِ التجهيل، واللهُ يهدينا وسائرَ إخوانِنا إلى صراطِه المستقيم، صراطِ الذين أنعمتَ عليهم من النبيين والصديقين والشهداءِ والصالحين وحسُن أولئك رفيقا.

انتهى المقصودُ من كلامِ الشيخ رحمه الله، وقد بيَّن لنا رحمه الله مراجعَ التفسيرِ المعتمدةِ الصحيحةِ للرجوعِ إليها في تفسيرِ كلامِ اللهِ خصوصًا في أمرِ العقيدة، بدلاً من تفاسيرِ علماءِ الكلامِ التي شحنوها بعقائدِهم الفاسدةِ وجدلياتهم الباطلة، حتى ضللوا كثيرًا من المسلمين، وحجبوا عنهم علمَ السلفِ من الصحابةِ والتابعين من القرونِ المفضَّلة، فلنرجِعْ إلى الكتبِ الأصليةِ في دراستنا ومقرراتِنا الدراسيةِ ومطالعتِها حتى نأخذَ العلمَ الصحيحَ من مصدرِه الصافي، نسألُ اللهَ لنا ولإخوانِنا المسلمين الهداية.

وقد حدثَ في الآونةِ الأخيرةِ ناشئةٌ تفسِّرُ القرآنَ بغيرِ علم، ولا رجوعٍ إلى كتبِ السلفِ بل إلى النظرياتِ الحديثةِ المتناقضة؛


الشرح