×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

مما يُسمُّونه الإعجازَ العِلمي للقرآنِ الكريم، وهذا قولٌ على اللهِ بلا علم، نسأل اللهَ العافيةَ والسلامة.

قال شيخُ الإسلام رحمه الله: وأمَّا قولُ المعترض إنَّ الليلَ يختلفُ باختلافِ البلدان والفصولِ في التقدمِ والتأخرِ والطولِ والقصر، فيقال له: الجوابُ على هذا كالجوابِ على قولِك: هل يخلوا منه العرش أو لا يخلو منه؟ وذلك إنه إذا جازَ أنْ ينزلَ ولا يخلو منه العرش، فتقدُّمُ النزولِ وتأخُّرُه وطولُه وقصرُه كذلك، بِناءً على أنَّ هذا نزولٌ لا يُقاسُ بنزولِ الخلْق، وجِماعُ الأمرِ أنَّ الجوابَ عن مثلِ هذا السؤالِ يكون بأنواع:

أحدها: أنْ يُبيِّنَ أنَّ المنازعَ النافي يلزمُه من اللوازمِ ما هو أبعدُ عن المعقولِ الذي يعترفُ به مما يلزمُ المثبت، فإنْ كان مما تحتج به حجة صحيحة من المعقولِ لزِم بُطلانُ النفي فيلزَم الإثبات، إذًا الحقُّ لا يخلوا عن النقيضين، وإن كان باطلاً لم يبطل به الإثبات فلا يعارض ما ثبت بالفطرةِ العقليةِ والشرعيةِ النبوية، وهذا كما إذا قال: لو كان فوقَ العرشِ لكان جسمًا وذلك مُمْتَنع، فيقال له: للناس هنا ثلاث أقوال:

منهم من يقولُ: هو فوقَ العرشِ وليس بجِسْم، ومنهم من يقول: هو فوقَ العرشِ وهو جِسم، ومنهم من يقول: هو فوق العرش ولا أقول: هو جسم ولا ليس بجسم، ثم من هؤلاء من يسكت عن هذا النفي والإثبات؛ لأن كليهما بدعة في الشرع، ومنهم من يستفصل عن مسمى الجسم، فإن فسر بما يجب التنزيه للرب عنه نفاه وبين أن علوه على العرش لا يستلزم ذلك، وإن فسر بما يتصف به الرب لم ينف ذلك المعنى، فالجسم في اللغة هو البدن، والله منزه عن ذلك، وأهل الكلام


الشرح