قد يريدون بالجسم ما هو مركب من الجواهر المفردة أو من المادة
والصورة، وكثير منهم ينازع في كون الأجسام المخلوقة مركبة من هذا وهذا، بل أكثر
العقلاء من بني آدم عندهم أن السماوات ليست مركبة لا من الجواهر المفردة، ولا من
المادة والصورة، فكيفَ يكونُ ربُّ العالمين مُركبًّا من هذا وهذا؟ فمن قال: إنَّ
اللهَ جِسمٌ وأرادَ بالجسمِ هذا المركب فهو مُخْطئٌ في ذلك، ومن قصَدَ نفيَ هذا
التركيب عن اللهِ فقد أصابَ في نفيه عنِ الله، لكن ينبغي أنْ يذكرَ في عبارةٍ
تُبيِّنُ مقصودَه.
ولفظُ التركيبِ قد يُرادُ به أنَّه ركَّبَه مركب، أو أنه كانت
أجزاؤُه متفرقةً فاجتمع، أو أنه يَقبلُ التفريق، واللهُ منزَّهٌ عن ذلك كلِّه.
وقد يُرادُ بالجسمِ والمتحيز ما يُشارُ إليه، بمعنى أنَّ الأيدي
تُرفَع إليه في الدعاءِ وأنه يقال: هو هنا وهناك، ويُرادُ به القائمُ بنفسِه، وهو
عندَ السلفِ وأهلِ السُّنةِ تُرفعُ إليه الأيدي في الدعاء، وهو فوقَ العرش.
إلى أن قال رحمه الله:
وإنَّما المقصودُ التنبيهُ على أنَّ السلفَ كانوا يراعون لفظَ القرآنِ والحديثِ فيما يُثبتونه ويَنفُونه عن اللهِ من صفاتِه وأفعالِه، فلا يأتون بلفظٍ محدَثٍ مبتدَع في النفي والإثبات، بل كان معنى صحيح فإنه داخلٌ فيما أخبرَ به الرسولُ صلى الله عليه وسلم والألفاظ المبتدعة ليس لها ضابط، بل كلُّ قومٍ يُريدون بها معنى غيرَ المعنى الذي أرادَ به أولئك، كلفظِ الجسمِ والجهةِ والحيِّزِ والجبر، ونحو ذلك، بخلافِ ألفاظِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم فإنَّ مرادَه بها يُعلمُ كما يُعلمُ مرادُه بسائرِ ألفاظِه.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد