×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

وأمَّا في الأسماء المأثورة فما مِنِ اسمٍ إلاَّ وهو يدلُّ على معنًى حسنٍ، فينبغي تدبُّر هذا الدُّعاء وللخَبَر المأثور وغيرِ المأثور الذي قِيلَ لضَرُورة حُدوثِ المُخالِفِين للتَّفرِيق بين الدُّعاء والخَبَر، وبين المأثور الذي يُقال، أو تَعرِيفُهم لِمَا لم يكونوا به عارِفِين، وحينئذٍ ليس كلُّ اسم ذُكِرَ في مقام يُذْكَر في مقامٍ بل يجب التَّفرِيقُ.

وقال رحمه الله في القاعدة العَظيمة الجَليلة في مسائِلِ الصِّفاتِ والأَفعالِ من حَيْثُ قِدَمُها وُوجُوبُها أو جَوازُها ومُشتقَّاتُها، أو وُجوبُ النَّوع مطلقًا، وجَوازُ الآحادِ معيَّنًا، فقال: المُضافَاتُ إلى الله سُبحانَه في الكتاب والسُّنَّة؛ سواء كانت إضافَةَ اسمٍ إلى اسمٍ، أو نسبةِ فِعلٍ إلى اسمِ، أو خَبَرٍ باسمٍ عن اسمٍ؛ لا يخلو من ثلاثة أقسام:

أحدها: إضافَةُ الصفة إلى المَوصُوف كقوله تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ[البقرة: 255]، وقوله: {إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلۡقُوَّةِ[الذاريات: 58]، وفي حديث الاستخارة«اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ» ([1]) وفي الحديث الآخر«اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ» ([2])؛ فهذا في الإضافة الاسمية.

وأمَّا بصيغة الفعل فكقوله: {عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَخۡتَانُونَ أَنفُسَكُمۡ[البقرة: 187]، وقوله: {عَلِمَ أَن لَّن تُحۡصُوهُ فَتَابَ عَلَيۡكُمۡۖ[المزمل: 20].

وأمَّا الخبر الذي هو جملة اسمية فمثل قوله: {وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ[البقرة: 282]، {وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ[البقرة: 284].


الشرح

([1])أخرجه: البُخاريّ رقم (1608).

([2])أخرجه: النسائي رقم (1305)، وأحمد رقم (18325)، وأبويعلى رقم (1624).