×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

 الآفاتِ والنَّقائص عنه لم يُعلَم إلاَّ بالإجماع، وجعلوا الطريق الذي نَفَوا عنه ما نَفَوه إنَّما هو نَفْيُ مُسمَّى الجسم ونحو ذلك، وخالفوا ما عَلَيه شيوخُ متكلِّمَةِ الصِّفاتِيَّة كالأشعَرِيِّ والقاضي وأبي بكر وأبي إسحاق ومَن قبلهم من السَّلَف والأَئِمَّة في إثبات السمع والبصر والكلام له، بالأدلة العقليَّة، وتَنزِيهِه عن النَّقائص بالأدلة العقليَّة؛ ولهذا صار هَؤُلاءِ يعتمدون في إثبات هَذِه الصِّفات على مُجرَّد السمع، ويقولون: إذا كنَّا نُثبِت هَذِه الصفات بِناءً على نَفْيِ الآفات، ونَفْيُ الآفات إنَّما يكون بالإجماع الذي هو دليل سمعيٌّ، والإجماع إنَّما يَثبُت بأدلَّة سمعيَّة من الكتاب والسُّنَّة...

إلى أن قال رحمه الله: والمقصود هنا: أن نبيِّن أنَّ ثُبوت الكمال لله معلوم بالعقل، وأنَّ نقيضَ ذلك مُنتَفٍ عنه؛ فإنَّ الاعتماد في الإثبات والنفي على هَذِه الطريق مستقيم في العقل والشرع دون تِلكَ؛ خِلافَ ما قاله المتكلمون...

إلى أن قال الشيخ رحمه الله: فإذا كان الكمال للمُمكِن الوُجودِ مُمكِنًا، فإِمكانُه لواجِبِ الوُجود أَولَى؛ لأنَّه إذا أَمكَنَ الكمال للمفضول فإمكانه للفاضِلِ أَولَى؛ لأنَّ ما كان مُمكِنًا لمن هو في وُجودِه ناقص، فَلَأَنْ يُمكِنَ لِمَا هو في وُجودِه أكمَلُ منه بطريق الأولى؛ ولأنَّ ذلك الكمالَ إنما استفادَهُ المَخلُوق من الخالق، والذي جَعَل غَيرَه كاملاً هو أحقُّ بالكمال منه، فالذي جَعَل غَيرَه قادِرًا أولى بالقدرة، والذي عَلَّم غَيرَه أولى بالعلم، والذي أحيا غَيرَه أولى بالحياة.

وقال رحمه الله: وقد بيَّن الله سُبحانَه أنه أحقُّ بالكمال من غَيرِه، وأنَّ غَيرَه لا يُساوِيه في الكمال في مثل قوله تعالى: {أَفَمَن يَخۡلُقُ كَمَن لَّا يَخۡلُقُۚ


الشرح