×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

وهذا كقوله: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِٱلۡأُنثَىٰ ظَلَّ وَجۡهُهُۥ مُسۡوَدّٗا وَهُوَ كَظِيمٞ ٥٨يَتَوَٰرَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ مِن سُوٓءِ مَا بُشِّرَ بِهِۦٓۚ أَيُمۡسِكُهُۥ عَلَىٰ هُونٍ أَمۡ يَدُسُّهُۥ فِي ٱلتُّرَابِۗ أَلَا سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ ٥٩لِلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ مَثَلُ ٱلسَّوۡءِۖ وَلِلَّهِ ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ٦٠وَلَوۡ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِظُلۡمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيۡهَا مِن دَآبَّةٖ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗىۖ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمۡ لَا يَسۡتَ‍ٔۡخِرُونَ سَاعَةٗ وَلَا يَسۡتَقۡدِمُونَ ٦١وَيَجۡعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكۡرَهُونَۚ وَتَصِفُ أَلۡسِنَتُهُمُ ٱلۡكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ ٱلنَّارَ وَأَنَّهُم مُّفۡرَطُونَ ٦٢[النحل: 58- 62]؛ حيث كانوا يقولون المَلائِكة بنات الله، وهم يكرهون أن يكون لأحدهم بنت فيَعُدُّون هذا نقصًا وعيبًا، والرَّبُّ تعالى أحقُّ بتنزيهِهِ عن كلِّ عيب ونقص منكم، فإنَّ له المَثَلَ الأعلى؛ فكلُّ كمال ثَبَت للمَخلُوق فالخالق أحقُّ بثُبوتِه منه إذا كان مجرَّدًا عن النقص، وكل ما يُنَزَّه عنه المَخلُوق من نقص وعيب فالخالق أولى بتَنزيهِهِ عنه.

وقال تعالى: {هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ[الزمر: 9]، وهذا يبيِّن أن العالِمَ أكمَلُ ممَّن لا يَعلَم.

وقال تعالى: {وَمَا يَسۡتَوِي ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِيرُ ١٩وَلَا ٱلظُّلُمَٰتُ وَلَا ٱلنُّورُ ٢٠وَلَا ٱلظِّلُّ وَلَا ٱلۡحَرُورُ ٢١[فاطر: 19- 21]، فبيَّن أنَّ البصيرَ أكمَلُ، والنورَ أكمَلُ، والظِّلَّ أكمَلُ، وحينئذٍ فالمُتَّصِف به أولى {وَلِلَّهِ ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰۚ[النحل: 60].

وقال تعالى: {وَٱتَّخَذَ قَوۡمُ مُوسَىٰ مِنۢ بَعۡدِهِۦ مِنۡ حُلِيِّهِمۡ عِجۡلٗا جَسَدٗا لَّهُۥ خُوَارٌۚ أَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّهُۥ لَا يُكَلِّمُهُمۡ وَلَا يَهۡدِيهِمۡ سَبِيلًاۘ ٱتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَٰلِمِينَ[الأعراف: 148]؛ فدلَّ ذلك على أنَّ عَدَم التَّكلُّمِ والهداية نقص، وأنَّ الذي يتكلَّم ويهدي أكمَلُ ممَّن لا يتكلَّم ولا يهدي، والرَّبُّ أحقُّ بالكمال.


الشرح