×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الثاني

 إلى أن قال الشيخ: قال الحاكم: سمعت أبا سعيد عبدَ الرحمن بن أحمد المُقْرِي يقول: سمعت أبا بكر مُحمَّدَ بن إسحاق - يعني: ابن خزيمة - يقول: الذي أقول به: أنَّ القرآن كلامُ الله ووَحْيُه وتَنزِيلُه غَيرُ مَخلُوق، ومَن قال: إنَّ القرآن أو شيئًا منه وعن وَحْيِه وتَنزيلِه مَخلُوق، أو يقول: إنَّ الله لا يتكلم بعدَ ما كان تكلَّم به في الأزل، أو يقول: إنَّ أفعال الله مَخلُوقة، أو يقول: إنَّ القرآن مُحدَث، أو يقول: إنَّ شيئًا من صفات الله - صفات الذات - أو اسمًا من أسماء الله مَخلُوق؛ فهو عندي جَهْمِيٌّ يُستَتاب، فإن تاب وإلا ضُرِبت عُنُقُه، وأُلقِي على بَعضِ المَزابِل، هذا مذهبي ومذهب من رأيتُ مِن أهل الأثر في الشرق والغرب من أهل العلم، ومَن حكى عنِّي خِلافَ هذا فهو كاذِبٌ باهِتٌ، ومَن نظر في كُتُبي في العلم ظهر له وبان أن الكُلاَّبِيَّة - لعنهم الله - كَذَبة فيما يحكون عنِّي ممَّا هو خِلافُ أصلِي ودِيانَتِي.

ثم قال الشيخ رحمه الله: وذَكَر عَن ابنِ خُزَيمة أنَّه قال: زعم بَعضُ جَهَلة هَؤُلاءِ الذي نَبَغوا في سِنِينِنا: أنَّ الله لا يكرِّر الكلامَ، فلا هم يَفهَمون كِتابَ الله، إنَّ الله قد أخبر في نصٍّ الكتاب في مَواضِعَ أنَّه خَلَق آدمَ، وأمر المَلائِكَة بالسُّجود، فكرَّر هذا الذِّكْر في غَيرِ مَوضع، وكرَّر ذِكْر كَلامِه لموسى مرَّة بعد أخرى، وكرَّر ذكر عيسى بن مريم في مَواضِعَ، وحَمِدَ نَفْسَه في مَواضِع، فقال: {سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ[الإسراء: 1] و {ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ[الأنعام: 1]، و {ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ[سبأ: 1]، وكرَّر زيادةً على ثَلاثِينَ مرَّةً: {فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ[الرحمن: 13]، ولم أتوهَّم أنَّ مُسلِمًا يتوهَّم أنَّ الله لا يتكلم بشيءٍ مرَّتَيْن،


الشرح